خط أنابيب التابلاين من أبرز المحطات التاريخية في صناعة النفط السعودية، ومضي علي إنشائه أكثر من 70 عاماً ،و يعتبر أول خطوط نقل النفط من المملكة للعالم انتقل الخط بعد سنوات من خروجه للتقاعد إلى التراث الصناعي كأول موقع تراث صناعي يتم تسجيله رسمياً بالمملكة. وسجلت هيئة التراث خط أنابيب النفط القديم «التابلاين» في سجل التراث الصناعي الوطني تقديراً لأهميته التاريخية ولدلالاته التنموية والاقتصادية المرتبطة بمرحلة بدايات صناعة النفط. لارتباطه ببدء ازدهار القطاع واستعماله لنقل الخام وتصديره إلى أوروبا قبل ظهور الناقلات العملاقة.
اقرأ ايضا:106 شركات مقاولات واستشارات تتأهل لتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية بالمملكة
أطول خط أنابيب لنقل النفط الخام
ويستعرض معكم موقعكم' المفضل السعودي' اليوم تاريخ الخط وأرتباطه بصنعاة النفط بالمملكة:
تعود بداية صناعة النفط السعودي وتأسيس شركة أرامكو إلى سنة 1933، وهو العام الذي شهد توقيع الملك عبدالعزيز على أول اتفاقية امتياز للتنقيب وبدأ تشغيل خط أنابيب التابلاين قبل أكثر من 70 عامًا، وكان حينها أطول خط أنابيب لنقل النفط الخام، وأسهم في تنمية المنطقة المحيطة به، قبل توقفه وإعلانه رسميًا أول موقع للتراث الصناعي في المملكة العربية السعودية.
ويقع مسار خط أنابيب التابلاين في شمال صحراء المملكة العربية السعودية، بطول 1648 كيلومترًا، ليمتد من مدينة بقيق السعودية الواقعة على الخليج العربي إلى ميناء صيدا اللبناني على البحر الأبيض المتوسط.
اقرأ ايضا:النفط يتجه لتسجيل ثاني انخفاض أسبوعي وسط مخاوف من الركود
إنشاء خط التابلاين بهدف ضخ المزيد من النفط إلى الدول الأوروبية
وجاءت فكرة إنشاء خط التابلاين مع الرغبة في ضخ المزيد من النفط إلى الدول الأوروبية التي أصبحت متعطشة لذلك الوقود الأحفوري بتكلفة اقتصادية مناسبة، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، خاصة أن الرحلة البحرية لنقل النفط كانت تستغرق 9 أيام في ذلك الوقت.
وبحسب بيانات أرامكو، كانت الرحلة البحرية قبل ظهور السفن العملاقة، والتي كانت تبدأ من السعودية وتمر عبر قناة السويس لتصل إلى البحر الأبيض المتوسط، طويلة ومكلفة وغير قادرة على الاستجابة للطلب المرتفع على النفط الخام، وهو ما استلزم وقتها إنشاء خط أنابيب جديد يربط بين حقول النفط الموجودة في شرق السعودية والبحر الأبيض المتوسط.
الخط كان مشروع مشترك بين السعودية وشركات نفط دولية أخرى
وفي عام 1944، أسست أرامكو شركة خط الأنابيب عبر شبه الجزيرة العربية، والتي كانت عبارة عن مشروع مشترك بين الشركة السعودية، وشركات نفط دولية أخرى.
وعلى مدار 18 شهرًا وبعد تأسيس شركة خط الأنابيب، خططت أرامكو لكيفية إنشاء الخط وتحديد مساره، وسط تحديات في ذلك الوقت تمثلت في المسافات الشاسعة ونقص المرافق ودرجات الحرارة الشديدة والتضاريس، ولذلك كان يُنظَر إليها بالمهمة الصعبة،وبعد ذلك أصبح مسار التابلاين يبدأ من السعودية ليمر بالأردن وسوريا حتى لبنان، وبدأت أعمال البناء رسميًا في عام 1947.
اقرأ ايضا:شركة أرامكو السعودية .. نشأتها وأبرز الإنجازات وتأثيرها الإيجابي على العالم
بناء الخط أحتاج لـ305 آلاف طن من الأنابيب الفولاذية
عملية إنشا خط التابلاين -أرشيفية
اتخذت أرامكو قرار تنفيذ تلك المهمة الصعبة، ونقلت السفن بالفعل نحو 305 آلاف طن من الأنابيب الفولاذية،وقامت ببناء 6 محطات ضخ على طول مسار خط أنابيب التابلاين؛ تقع 5 منها في كل من مدن النعيرية والقيصومة ورفحاء وبدنة وطريف في السعودية، بينما تقع المحطة السادسة في الأردن.
وكانت محطات الضخ تؤدي مهمة دفع النفط إلى أعلى نقطة في خط الأنابيب الواقعة على ارتفاع 907 أمتار فوق مستوى سطح البحر، ليتدفق النفط منها نزولًا ويعبر شمال الأردن وجنوب سوريا إلى ميناء صيدا اللبناني على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وبعد 3 أعوام من البناء وتحديدًا في سبتمبر/أيلول 1950، نجحت أرامكو في الانتهاء من تنفيذ الخط ولُحمت آخر وصلة من خط التابلاين.
وفي عام 1951، كانت بداية تشغيل خط الأنابيب بشكل كامل، لينجح بعد ذلك في نقل نحو ثلث إنتاج المملكة من النفط في ذلك الوقت.
ويُشَار إلى أن إنتاج السعودية من النفط في عام 1950 بلغ 200 مليون برميل، قبل أن يرتفع في العام التالي 1951 -بداية تشغيل الخط- إلى 278 مليون برميل،ويبلغ إنتاج النفط الخام السعودي بلغ 10.5 مليون برميل يوميًا بنهاية العام الماضي (2022)، وفق تقديرات منظمة أوبك.
تؤكد عملاقة النفط السعودي 'أرامكو' أن خط أنابيب التابلاين أسهم في تسريع تطوير الشركة ونموها خلال مدّة الخمسينيات من القرن الـ20؛ إذ شكّل عامل جذب لبيع النفط الخام السعودي بتكلفة اقتصادية في السوق العالمية.
وشهدت المناطق التي أُنشئت فيها محطات الضخ، تأسيس أحياء سكنية جديدة بُنِيَت في بداية الأمر لعائلات الموظفين في خط التابلاين؛ لتتحول بعد ذلك بحلول منتصف ستينيات القرن الماضي إلى مدن سكنية أكبر ما زالت موجودة حتى اليوم.
فمثلًا؛ على الرغم من انتهاء العمل بخط التابلاين وتوقفه منذ عقود؛ فما زالت مدينة طريف، التي لم يكن لها وجود في عام 1945، قائمة وأصبحت حاليًا ميناء لدخول السعودية.
وأسهَم الخط كذلك في تدعيم المشروعات الصغيرة بالمملكة خلال وقت عمله؛ فقد شهدت المدّة من 1947 حتى 1952 دفع أرامكو أكثر من 46.8 مليون دولار لأكثر من مقاول مستقل.
اقرأ ايضا:السعودية تشارك في إقامة أول مشروع للطاقة النظيفة في العراق
أرامكو السعوديةقررت تفكيك خط أنابيب التابلاين وإفراغه في 2001
تفكيك خط التابلاين
واصل خط التابلاين تأدية دوره المحوري في تجارة النفط السعودي ونقله إلى السوق العالمية لأكثر من 40 عامًا، ليتراجع دوره تدريجيًا مع ظهور ناقلات النفط العملاقة التي فاقت طاقته وأصبحت أكثر جدوى اقتصادية منه.
ومع تراجع الدور الاقتصادي لنقل النفط عبر خط التابلاين، انخفضت كميات النفط المنقولة من خلاله ليظل يعمل بطاقة قليلة حتى عام 1990.
وفي عام 2001، قررت أرامكو السعودية تفكيك خط أنابيب التابلاين وإفراغه، ليتحول موقعه بعد ذلك في ديسمبر/كانون الأول 2020 إلى أول موقع للتراث الصناعي في السعودية، ويغلق الستار على محطة تاريخية في صناعة النفط السعودي.
وتمتلك المملكة أكثر خطوط أنابيب النفط الخام بالمنطقة ، بعدد وصل إلى 36 خطًا بنهاية 2021، يبلغ طولها 3.14 ألف ميل، بقُطر يصل إلى ما بين 10 و56 بوصة.
وفيما يتعلق بطول تلك الخطوط، تأتي السعودية ثاني دول المنظمة بعد ليبيا، وتليها الجزائر والعراق وسوريا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة،وتمتلك السعودية كذلك 7 خطوط لنقل المشتقات النفطية، و24 خطًا لنقل الغاز الطبيعي.