أخطر ما يواجه المريض هو فقدان الثقة بالطبيب وبالمستشفى الذي يتطبب عنده , خاصة إذا كان مستشفىً خاصاً, المريض هو الحلقة الأضعف في معادلة العلاج , وفقدان ثقته ، يتبعه فقدان المجتمع بأكمله لتلك الثقة .
كنت أتمنى ألا أعمم هذا الرأي على جميع مرافق القطاع الصحي غير الحكومي , لكن ما نشاهده وما نسمع عنه يجعل التعميم أقرب للواقع مع استثناء بسيط , فمبالغة بعض الأطباء لطلب التحاليل والفحوصات والأشعات للمريض ، باتت ظاهرة يؤمن بها كل الناس .
المريض يتعلق بقشة , وهو مضطر لتصديق الطبيب وتنفيذ ما يطلبه ودفعه مجبوراً لفاتورة علاجه إن لم يكن يملك تأميناً طبيا , أما من لديه تأمين طبي ، فقد لا يكون مبالياً كون شركة التأمين هي من ستدفع , وهو بذلك يساهم من حيث لا يدري في رفع أسعار التأمين على الأفراد والشركات , وبالتالي فالمتضرر الأساسي هو المستهلك الأخير . فلا شركات التأمين ولا الشركات المؤمنة ستقبل تحمل ارتفاع مستحقات المستشفيات ، بل ستحمّلها على الحلقة الأضعف وهو أنا وأنت وغيرنا .
صحيح بأن القطاع الصحي الخاص مهم لأي دولة ، ونجاحه وتطوره يعتبران إضافة إيجابية للوطن , لكن تضخم أرباح هذا القطاع يؤكد بأن هناك خلل بين الخدمة المقدمة والمبالغ المحصلة ، وحتى لو كانت المستشفيات الخاصة مشاريع استثمارية تجمع بين دعم القطاع الصحي وبين تحقيق الأرباح .
أجزم بأن معظمكم سمع عن طلب ” بعض ” المستشفيات من الطبيب الذي يعمل لديها أن يرفع مدخول عيادته , فكلما زاد دخل المستشفى من ذلك الطبيب كلما زادت أهميته وارتفعت مكانته “ماديا” , وهو ما يضطره لطلب المزيد من الفحوصات والتحاليل كي يضمن مكاناً له , وكما قلت من قبل فإني أتحاشى التعميم وأرفضه , فهناك أطباء لا يقبلون بذلك الشرط وهم محل احترام .
ولأن الحبل على الجرار ، فقد كبرت أكياس الصيدليات , فبعد أن كانت صغيرة تكفي لدواء أو أثنين ، أصبحت تنافس أكياس البقالات , وأنا هنا لا أتهم الأطباء بأنهم يصرفون أدوية بكميات تفوق حاجة المريض ، لكن خروج الشخص من الصيدلية كما لو أنه خرج من بقالة ، هو أمر مثير ويحتاج لتوضيح من الجهات المشرفة على القطاع الصحي الخاص .
ولكم تحياتي
اقرا ايضا: محمد البكر يكتب : خونة الوطن
محمد البكر يكتب .. مشاهير الغباء الاجتماعي
محمد البكر يكتب : أرامكو ورحلة إنقاذ القادسية