تتسابق دول العالم للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، من خلال الاعتماد على الهيدروجين الأخضر ومصادر الطاقة المتجددة كافة، لذلك تتجه أوروبا إلى التخلص من الوقود الأحفوري، وبناء اقتصاد قائم على الهيدروجين.
ولتحقيق ذلك الهدف تتطلع القارّة العجوز إلى استيراد كميات كبيرة من الهيدروجين من دول في أفريقيا، وفقًا لموقع يور أكتيف.
وتستهدف أوروبا زيادة الاعتماد على الهيدروجين مصدرًا لإنتاج الطاقة من 2% في الوقت الحالي إلى 14% بحلول عام 2050، ويعتمد إنتاج الهيدروجين في أوروبا أساسًا على الغاز الطبيعي، ويُستخدم في إنتاج البلاستيك والأسمدة والمنتجات الكيماوية.
ويحتاج الاتحاد الأوروبي إلى التحرك سريعًا باتجاه تحقيق الحياد الكربوني في قطاع الصناعة، ولكن ما يحدث هو التركيز بشكل أكبر على قطاع الكهرباء، لذلك فإن تحقيق الحياد الكربوني لن يكون ممكنًا لكل القطاعات الصناعية.
الهيدروجين الأخضر.. ميناء روتردام الهولندي"بوابة"صادرات كولومبيا لأوروبا
وتخطط الدول الأوروبية لخفض انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري بحلول عام 2030 بنسبة لا تقلّ عن 55 % عما كانت عليه في 1990، من خلال فرض ضرائب على المنتجات عالية الاستهلاك الكربوني، وإحلال السيارات الكهربائية محلّ سيارات الوقود المحترق.
صعوبة إنتاج الهيدروجين في أوروبا
الهيدروجين النظيف
يُعدُّ الهيدروجين الحل الأمثل لاستبدال الوقود الأحفوري، الذي تعتمد عليه الصناعات الأوروبية مثل الكيماويات والأسمنت، ورغم ذلك تفتقر أوروبا إلى المساحة وضوء الشمس اللازمين لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الطاقة المتجددة بكميات كافية.
وبسبب ذلك، من المقرر أن تؤدي أفريقيا دورًا مهمًا في خطة أوروبا الطموحة لاستيراد الهيدروجين.
ويمكن إنتاج الهيدروجين من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية عبر تقنية التحفيز الضوئي التي تساعد على إنتاج الهيدروجين باستخدام ضوء الشمس والماء، بدلًا من عملية التحليل الكهربائي الشائعة حاليًا، وهي تقنية أقلّ تكلفة واستهلاكًا للمساحات.
الازدهار الأوروبي مرتبط بأفريقيا
قالت خبيرة الهيدروجين في مركز أبحاث المناخ 'إي ثري جي' إيليونورا مورو، إن أفريقيا تمتلك إمكانات هائلة لتصدير الهيدروجين، مشيرة إلى أن التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري، يمكن أن يضع العلاقات الأوروبية الأفريقية في مسار جديد.
وتمتلك قارّة أفريقيا مصادر متنوعة للطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، التي تؤدي دورًا مهمًا في عملية التحليل الكهربائي للماء وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
من جانبه، وجَّه نائب رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس لجنة المناخ فرانس تيمرمانز للحاضرين في المنتدى الاقتصادي الـ7 بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا، 14 فبراير/شباط، حديثه قائلًا: 'دعنا نواجه ذلك، نحن نريد أن تصبحوا قادة في عملية إنتاج الهيدروجين الأخضر'.
وأضاف، من المستحيل أن تزدهر أوروبا دون تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في أفريقيا.. فنحن قارّات شقيقة، ومستقبلنا مترابط'.
أفريقيا واحدة من أفضل مصادر الطاقة المتجددة في العالم
نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانز
يرى فرانس تيمرمانز أن أفريقيا تتمتع بواحدة من أفضل إمكانات الطاقة المتجددة في العالم، مع استهلاك منخفض نسبيًا للطاقة.
ويهدف تيمرمانز إلى مضاعفة أرباح القارّة السمراء 3 مرات، من خلال التوسع في قدرتها على إنتاج الطاقة المتجددة، الأمر الذي سيعود بالنفع على المواطنين، لأن الطبيعة اللامركزية للطاقة المتجددة تعني أنه يمكن توصيل الأسر في أفريقيا بشبكة الطاقة بسهولة أكبر.
ولأن إنتاج الهيدروجين يسمح لقارّة أفريقيا بتنويع اقتصادها، وعد تيمرمانز القارّة بالتحول بعيدًا عن دورها بصفتها مصدرًا للمواد الخام إلى مُنتج للهيدروجين الأخضر.
وقال: 'أفريقيا تستطيع -ويحب عليها- أن تفعل أكثر من مجرد تصدير المواد الخام، فاقتصاد القارّة السمراء يمكن أن يفتح قطاعات ذات قيمة مضافة أعلى، مثل إنتاج الصلب الأخضر أو الأسمدة الخضراء'.
وأشار رئيس لجنة المناخ في المفوضية الأوروبية إلى أن تركيز أفريقيا على إنتاج الهيدروجين الأخضر سيعود بالنفع أيضًا على أوروبا، إذ يمكن مع الكهرباء الرخيصة من مصادر الطاقة المتجددة إنتاج الهيدروجين الأخضر بأسعار تنافسية.
ويعلّق الاتحاد الأوروبي أمالًا كبيرة على استخدام الهيدروجين الأخضر، إذ يهدف إلى أن يستحوذ الهيدروجين الأخضر على 50% من الطلب على الهيدروجين في أوروبا بحلول عام 2030، بدلًا من الغاز الطبيعي الذي يهيمن حاليًا على الإنتاج.
وبحسب تيمرمانز، فإن الهيدروجين سيؤدي دورًا مهمًا في نقل البضائع لمسافات طويلة.
في السياق نفسه، قال الرئيس التنفيذي لشركة هيدروجين أفريقيا إنوسنت أويغارين: 'هذه فرصة جيدة لإثبات قدرتنا بصفتنا أفارقة، ولتشجيع دول القارّة على العمل معًا'
وأضاف: 'إذا استُثمِر المال والجهد الكافي في أفريقيا، ستستطيع القارّة السمراء تحقيق الحياد الكربوني بشكل أسرع مما هو مخطط له'.
خطوة جديدة لتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر في جنوب أفريقيا
رغم الآمال التي يعلّقها الأوروبيون على القارّة السمراء، ما زال بعضهم غير مقتنعين بالوعود البرّاقة بمستقبل أفريقيا بصفتها مصدرًا للهيدروجين الأخضر.
ويتوقع المراقبون سيناريوهين محتملين، يشير أفضلهم إلى أن تطوير الاقتصاد القائم على الهيدروجين سيسهم بتعلّم العمّال في أفريقيا مهارات إضافية، وإنشاء مصانع لإنتاج الصلب والأسمدة الخضراء.
ويفي هذا بالوعد بأن تصبح أفريقيا مصدرًا للمنتجات الصناعية الخضراء، ولكن في المقابل، هناك مخاوف من أن جميع الدول لن تستفيد من الأمر بالتساوي.
وتركّز ألمانيا -على سبيل المثال- بشكل واضح على نيجيريا وأنغولا، إذ فتحت وزارة الخارجية الألمانية ما يسمى 'مكاتب الهيدروجين' في عواصم هذه البلدان لدعم تطوير وتصدير الهيدروجين.
ويتوقع السيناريو الثاني الأكثر إثارة للقلق أن إنتاج الهيدروجين يمكن أن يشغل مساحة مخصصة لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، وهو ما سيسهم في ارتفاع أسعار الطاقة.
وتحتاج القارّة الأوروبية إلى استثمارات تتراوح بين 10 إلى 24 مليار يورو (11.4 مليار دولار إلى 27.3 مليار دولار) سنويًا لخفض تكلفة الهيدروجين، وفقًا لمركز الأبحاث الألماني 'أغورا إنرجي ويند'.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على الهيدروجين في أوروبا، من 327 تيراواط/ساعة في اليوم، في الوقت الحالي، إلى 2500 تيراواط/ساعة، بحلول عام 2050.