من حديث إلى حديث مع صاحبي وصلنا لقضية السلوك الاستهلاكي الذي يعاني منه الكثيرون منا , خاصة بعد أن تضاعفت تلك الظاهرة مع تحول العديد من الكماليات والسلع إلى أساسيات لا تكتمل حياتنا بدونها , فبعد أن كنا نطبق المثل الشعبي الشهير “مد رجولك على قد لحافك” ، أصبحنا زواراً دائمين لتطبيقات البنوك للبحث عن قروض يمكنها تغطية أقدامنا التي لم يعد لحافنا كافياً لتغطيتها , ولأن القروض تجر القروض ، فقد اجتهدت البنوك لإغراء الناس للاقتراض وتسديدها على مدى سنوات ، كما ظهرت الشركات التي تقسط قيمة السلعة دون احتساب أية عمولات أو أرباح لتشجعنا على الشراء والاستهلاك.
حياتنا تبدلت بشكل كبير فمن هاتف منزلي واحد ، إلى هاتف يدوي أو ربما اثنين في يد كل واحد منا , بل تطور الأمر حتى وصل إلى الأبناء والبنات المراهقين الذين ازدادت حاجاتهم ورغباتهم بتقليد أقرانهم , ثم تطورت الطلبات فمن سيارة للأب إلى سيارة لكل ابن وابنة وللأم أيضا , و”الحبل على الجرار” – كما يقال- , وأمام هذا التحول المجتمعي المخيف ، انعدمت فكرة الادخار عند الأسرة , وما عاد هناك قرشاً أبيض يحفظه رب الأسرة لليوم الأسود .
عجلة الحياة تدور بسرعة رهيبة ، فلا تترك للإنسان فرصة للتروي أو التفكير خارج صندوق القرض الاستهلاكي , فما يكاد قرض ينتهي إلا ويتم تجديده بقرض جديد . حتى إذا ما جاء اليوم الأسود “والعياذ بالله” ، وجد رب الأسرة والأبناء أنفسهم في قارب يصارع أمواج الحياة القاسية .
أعرف تماماً أن الخروج من عجلة الحاجات التي لا تنتهي ، أمراً في غاية الصعوبة ، لكنه ليس مستحيلا , فالعاقل هو من يقاوم المغريات و يفكر خارج الصندوق ، فيوزع دخله على احتياجاته الأساسية ، ويترك جزأه المتبقي في صندوق ادخار مهما كان بسيطا وحتى لو كان في منزله .
فكروا جيداً ولا تؤمنوا بالمثل الذي يخدع الناس ” أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ” , فالسماء لا تمطر ذهبا ولا نحاسا .
ولكم تحياتي .
اقرا ايضا: محمد البكر يكتب .. الزعيم يسأل … ألم تستسلموا بعد !؟