يُعد 'الشداد' من أبرز الابتكارات الحرفية القديمة في الجزيرة العربية، حيث شكّل أداة محورية في حياة البادية، استخدمها الإنسان للركوب على الإبل ونقل المؤن عبر الصحارى الشاسعة. ويعكس هذا الابتكار التراثي قدرة الأجداد على تكييف احتياجاتهم اليومية مع البيئة الصحراوية القاسية، بما يحفظ لهم الراحة والاستقرار في تنقلاتهم.
تصميم بسيط وفعّال لحياة الترحال
يصنع 'الشداد' من الخشب بشكل مقوّس، يُثبَّت على ظهر الجمل من الأمام والخلف، وتُوضع بين جزئيه وسادة مريحة تسهّل الجلوس وتحافظ على توازن الراكب. وقد لعب هذا التصميم دورًا حيويًا في رحلات البدو الطويلة، سواء في التنقل أو نقل الركاب والبضائع والتجارة عبر المسافات الصحراوية الوعرة.
تتعدد استخدامات 'الشداد' تبعًا لطبيعة الحاجة، حيث ينقسم إلى نوعين رئيسيين: الأول يُستخدم لركوب الأفراد، بينما يُخصَّص الثاني لحمل الأحمال الثقيلة والسلع التجارية. ويُبرز هذا التقسيم مدى ارتباط الإنسان بالجمل، الذي مثّل على مر العصور شريكًا أساسيًا في البقاء والحركة في قلب الصحراء.
حضور ثقافي مستمر رغم الحداثة
ورغم ما شهدته الحياة من تطور في وسائل التنقل والنقل، لا يزال 'الشداد' حاضرًا في الذاكرة الجمعية، حيث يُعرض اليوم كقطعة فنية في المجالس ومناطق الضيافة، ويُشارك في الفعاليات التراثية والأسواق الشعبية كرمز للأصالة والتاريخ والارتباط بالهوية البدوية.
يعكس 'الشداد' قدرة المجتمعات المحلية القديمة على توظيف الخامات البيئية المتاحة لتصميم أدوات فعالة، تراعي الراحة والاستدامة، وتُجسّد روح الابتكار المرتبطة بثقافة الإبل، التي تمثل في موروث الجزيرة رمزًا للصبر والقوة والتأقلم.
الحفاظ على الشداد.. حفاظ على التراث
يبقى 'الشداد' إلى اليوم أيقونة تراثية مميزة، تحمل في طياتها دعوة لحفظ الموروث الشعبي وتعزيز حضوره في المحافل الثقافية، لما له من قيمة في ترسيخ مفاهيم الاعتماد على الذات والتفاعل مع الطبيعة في أبسط صورها.