فعّل الاتحاد الأوروبي آلية الحماية المدنية في خطوة استباقية تهدف إلى مساعدة الدول الأعضاء على إجلاء مواطنيها من مناطق التوتر في الشرق الأوسط، وذلك بعد تصاعد التوترات العسكرية والأمنية في المنطقة خلال الأيام الماضية.
تنسيق أوروبي للاستجابة للأزمة
جاء هذا القرار عقب اجتماع طارئ لوزراء الخارجية الأوروبيين، حيث أعلنت كايا كالاس، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد يعمل بنشاط على دعم الدول الأعضاء التي تسعى إلى إجلاء رعاياها الراغبين في مغادرة المنطقة، مع استمرار تدهور الأوضاع الأمنية.
وأكدت كالاس أن بروكسل سترسل خبراء متخصصين إلى المنطقة لتقديم الدعم الفني واللوجستي، مشيرةً إلى أن آلية الحماية المدنية الأوروبية تلعب دورًا محوريًا في تنسيق عمليات الإجلاء، بما يضمن تنفيذها بشكل آمن ومنظّم.
"أسبيدس" تواصل حماية الملاحة في البحر الأحمر
بالتوازي مع ذلك، شددت المسؤولة الأوروبية على أن بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية في البحر الأحمر، المعروفة باسم 'أسبيدس'، ستواصل أداء مهامها في حماية السفن التجارية العابرة في المنطقة، والتي تواجه تهديدات متزايدة نتيجة الوضع المتوتر، لا سيما في ظل الهجمات المتكررة التي استهدفت خطوط الملاحة مؤخراً.
وتُعد بعثة 'أسبيدس' جزءًا من الجهود الأوروبية المستمرة لحماية المصالح البحرية والتجارية، وضمان سلامة حركة الشحن في ممرات استراتيجية حيوية للاقتصاد العالمي.
تحركات فردية سابقة تمهد للتنسيق الجماعي
تأتي هذه التحركات الأوروبية المنسّقة بعد أن شرعت عدة دول أوروبية نهاية الأسبوع الماضي في تنفيذ عمليات إجلاء فردية لمواطنيها، حيث كانت بولندا أول دولة تبدأ بهذه العمليات، تلتها دول أخرى أرسلت طائرات خاصة لنقل رعاياها من الشرق الأوسط، في ظل المخاوف من تصعيد أمني أكبر قد يهدد حياة المدنيين الأجانب.
وقد لوحظ في الأيام الأخيرة تزايد في التحذيرات الرسمية للمواطنين الأوروبيين المتواجدين في دول المنطقة، لحثهم على المغادرة إذا لم تكن لديهم ضرورة للبقاء، أو اتخاذ أقصى درجات الحيطة في حال استمرارهم بالبقاء.
آلية الحماية المدنية: أداة أوروبية موحدة في مواجهة الأزمات
يُذكر أن آلية الحماية المدنية الأوروبية أُنشئت قبل أكثر من 20 عامًا بهدف تنسيق وتوفير المساعدة العاجلة للدول الأوروبية التي تواجه كوارث طبيعية أو أزمات أمنية، وتشمل المساعدة عمليات الإجلاء، وتوفير فرق الإنقاذ، والدعم الطبي، واللوجستي.
وتُعد هذه الآلية جزءًا من جهود الاتحاد الأوروبي لتعزيز التضامن بين الدول الأعضاء في حالات الطوارئ، كما تُستخدم أحيانًا في تقديم المساعدة لدول خارج الاتحاد في حال الكوارث الكبرى.
سيناريوهات مفتوحة والتخوف من تصعيد واسع
ويرى مراقبون أن تفعيل آلية الحماية المدنية يعكس القلق المتزايد في بروكسل من احتمال توسع رقعة التصعيد العسكري في الشرق الأوسط إلى مستوى يهدد مصالح المدنيين الأجانب ومؤسساتهم، خصوصًا في ظل التوتر الإقليمي المتزايد واحتمالية اندلاع مواجهات واسعة النطاق.
في هذا السياق، يُرجح أن تشهد الأيام المقبلة مزيدًا من التحركات الأوروبية التنسيقية على مختلف الأصعدة، سواء عبر قنوات دبلوماسية، أو بتوسيع عمليات الإجلاء المشترك، أو عبر إرسال مزيد من البعثات الفنية والعسكرية لتأمين المصالح الأوروبية في المنطقة.