ليس فينا من لم يفقد عزيزاً عليه . فسنة الحياة أن الموت حق ، والفراق حاضر مهما يطول الزمن ، والحزن إن زاد تحول إلى ” حسرة ” لا تحتمل . هل كانت صدفة أو مصادفة أن يكون وقت وفاته هو وقت فتح باب ديوانيته التي استمرت لأكثر من ربع قرن !؟ . في الثامنة مساءً من كل يوم أربعاء ، نتوجه مع بقية الأصدقاء لتلك الديوانية المباركة . حتى وإن كان خارج المملكة في إجازاته تبقى تلك الديوانية مفتوحة نلتقي فيها ونتسامر ونتناول وجبة العشاء .
بالأمس ونحن نستعد للتوجه للديوانية في نفس توقيت كل أربعاء ، وصلتنا رسالة بأن أخينا وحبيبنا خالد الحمدان ” صاحب الديوانية ” قد أنتقل إلى رحمة الله . ولأول مرة في حياتي أدرك المعنى الحقيقي ” للصدمة ” . تسمرت في مكاني .. لم أعرف كيف أتصرف ، وكيف أقود سيارتي وأنا أمام هذا الخبر الجلل . فهذا صديق عزيز منذ المرحلة المتوسطة ” قبل 50 سنة ” . ذاكرتي تبلدت ، كأنها غير مصدقة لهذا الخبر المفجع .
قبل أسبوع ” حلمت ” حلماً مفزعاً . ومن شدة تأثري قمت من نومي في حالة من الخوف الشديد . إذ كنت مع أحد الأصدقاء المقربين مني ، ودخلنا في أحد الأحياء ثم أختفى هذا الصديق بشكل مفاجئ . تلفت يميناً ويساراً علني أجده فلم يكن له أثر . ثم تفاجأت بأني أمر في طرقات موحشة ، وكان هناك من يريد إيذائي ، وكنت أرتجف من الخوف ، لكني كنت أحاول معرفة أين ذهب صديقي . أنتهى الحلم وأنا في حالة يرثى لها دون أن أجده .
قصصت الحلم على زوجتي أم فجر ، وهي تنجح كثيراً في تفسير الأحلام . لكنها سكتت ، ولم ترد أن أعرف تفسير الحلم ، لكنها أضافت أتصل على صديقك وتأكد أنه بخير دون أن تعلمه بحلمك .
لم يكن الصديق الذي كان معي هو ” خالد ” يرحمه الله ، بل صديقاً آخر . في اليوم التالي قلت لها أني أخشى أن يكون ذلك الصديق هو ” خالد ” كونه في المستشفى لإكمال علاجه . وظل القلق يراودني رغم تطمينات أبنه فيصل إلى أن تلقيت خبر رحيله المؤلم .
رحل عنا هذا الرجل ، دمث الأخلاق ، الكريم بلا حدود ، الصديق الصدوق ، صاحب الفزعات ، رجل الخير والمبرات . رحل تاركاً في قلوبنا حسرة على صديق لا مثيل له . فلا نقول إلا إنا لله وإنا إليه لراجعون .
سنودعه للمرة الأخيرة يوم الجمعة في مقر إكرام الموتى الذي كانت له اليد الطولى في بناءه والإشراف عليه . ولعل هذا المقر يكون شاهداً له كواحد من رجال الخير والعطاء . وداعاً أبا فيصل . ولكم تحياتي