بعد مقالي قبل أسبوع عن غرامة المخالفات المرورية ودفاعي عن تحصيل الغرامات وما وجهته من لوم على المخالفين . تواصل معي الكثير ممن قرأ المقال واختلفوا معي فيما أشرت . ولقناعتي بأن الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية ، إلا أن تزايد المنتقدين للمقال ، وما وجدته في أكثر من مجلس ومن أشخاص ذوي ثقة ، ومن الطبقة المثقفة الحريصة على اتباع الأنظمة والتعليمات المرورية والتقيد بها ، جعلاني أعيد طرح الموضوع ولو من جانب آخر ، على ألا يعتبر تراجعاً عما أشرت إليه في المقال السابق . ففي ذلك المقال أشرت فقط للمخالفات القاتلة كالسرعة العالية جداً أو قطع الإشارات وهي مخالفات مميتة في أكثر الحالات .
في جدول المخالفات المرورية في المملكة ، تفاجأت بوجود 113 مخالفة مرورية يعاقب من يخالف إحداها . وبعيداً عن المخالفات التي أشرت إليها في المقال السابق ، هناك عدد كبير من المخالفات أنا على يقين بأن غالبية السائقين قد يرتكبونها جهلاً لا تعمداً لعدم معرفتهم بها . ولقد بنيت يقيني هذا بعد سؤال طرحته على عدد من مختلف الفئات . والسؤال كان – عدد لي عشرين مخالفة يعاقب عليها نظام المرور في المملكة !؟ – والنتيجة أن غالبية من سألتهم لا يعرفون أكثر من 15 مخالفة مرورية في أحسن الأحوال ، أي ما نسبته 12% فقط من مجموع المخالفات المشار إليها في جداول المخالفات المرورية . وهذا يعني أن جميع السائقين معرضون لارتكاب إحدى تلك المخالفات التي لم يسمعوا عنها من قبل .
إذن هناك خلل كبير . وهذا الخلل له جانبان مهمان: الجانب الأول هو أن الغالبية العظمى من السائقين إما أنهم من الجيل القديم مثلي ، والذين حصلوا على رخص القيادة عبر اختبار ميداني دام لعدة دقائق ، أو أنهم من ضحايا بعض مدارس تعليم القيادة لدينا وضعف منتجاتها . أما السبب الثاني فقد يكون نتيجة لعدم تخصيص الوقت الكافي والميزانيات المناسبة للبرامج التثقيفية الميدانية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي حول تلك المخالفات والتي يجب أن تستمر لسنة أو سنتين قبل البدء في تطبيق غرامات تلك المخالفات البسيطة ، وما بعد ذلك تطبق الغرامات ، ما عدا المخالفات الكبرى أو التي لا تحتاج لتوضيحات .
أتمنى ألا يزعج هذا الرأي مسؤولي الإدارة العامة للمرور . فالهدف الذي نتفق نحن معهم عليه هو تطبيق النظام والمحافظة على السلامة العامة للسائقين ومرتادي الطرق ، لا تحصيل الغرامات . ولكم تحياتي