قضية القرقيعان التي يثيرها البعض ممن لا يعرفون هذا الموروث كل عام هي قضية من لا قضية له، كما ذكرت في عنوان هذا المقال . وقد كتبت من قبل أنها عادة من عادات أهل المنطقة الشرقية بشكل خاص ودول الخليج بشكل عام . وأنه من مبدأ حبنا لهذا الموروث فإننا سوف نستمر بالاحتفال به كل عام، وسنشجع أطفالنا ونحثهم للحفاظ عليه قَبِلَ مَنْ قَبِلَ ورَفَضَ مَنْ رَفَضَ . ولن نقبل بأيِّ حال من الأحوال الاتهامات التي توجه لأهل المنطقة بأنهم يشجعون أطفالهم على الشحاذة أو الرقص أو الاختلاط . كما نرفض ربط المناسبة الرمضانية بأية ديانة أخرى كمناسبة «الهيولوين» أو غيرها من مناسبات الديانات الأخرى .
ورغم أن هذه العادة منتشرة ومحببة لدى أهل الخليج بشكل عام والشرقية بشكل خاص ، إلا أن المسميات تختلف في مناطق أخرى من المملكة . فهناك ” الشعبنة ” عند أهل الحجاز ، والتي يحتفل بها الأطفال والكبار في نهاية شعبان من كل عام احتفاء بمقدم شهر رمضان المبارك . أما في نجد وحسب ما وصلني فيسمى ” الحقاق ” أو ” الحوامة ” لأن الأطفال يحومون في الشوارع والحارات ، وتوقيته قبل العيد بيومين أو ثلاثة .
ما يهمني الآن هو ما يدور كل عام حول ” القرقيعان ” في المنطقة الشرقية بالذات ، والجدل الذي يثار حوله . فأعيد القول بأننا سنشجع أطفالنا على الاحتفال بالقرقيعان ، ليس من باب المكابرة أو العناد والاصطفاف مع رأي ضد رأي ، بل من باب منح أطفالنا فرصة ليفرحوا ويتعلموا عادات آباءهم وأجدادهم . وتنويرهم بأن أهلهم لا يغرسون فيهم نزعة الشحاذة أو الاختلاط أو الرقص .
لقد كتبت مقالاً في صحيفة اليوم في الشهر الثامن من عام 2012 ، أي قبل 12 عاماً حول هذا الموضوع . آنذاك كانت الصحوة في أوج تطرفها ، وكان طرح مثل هذا الكلام آنذاك يتسبب في صدامات معهم . ولكن لأن إيماني بأن هذه المناسبة ليست إلا مناسبة فرح للأطفال ، وتقليد لموروث قديم نعتز ونفتخر به ، كتبت ذلك المقال . أما من يريد ربط المناسبة بدين أو بعادات ليست من ديننا أو عاداتنا ، فليغلق الباب على نفسه وأطفاله ، وليترك الآخرين يفرحون . ولكم تحياتي