لم يكن المرحوم- بإذن الله- أ. عبدالعزيز الهزاع مجرد ممثل على خشبة المسرح؛ بل كان مجموعة ممثلين مبدعين . كما أن الزمن الذي ظهر فيه ليس كهذا الزمن؛ فزمنه كان المجتمع فيه محافظاً جداً ، يرى التمثيل والفن وتقليد أصوات النساء من المحرمات . ومع ذلك تجاوز كل تلك المحاذير ليقدم إبداعاته ضمن دائرة ضيقة تحكمها قواعد الحرام والممنوع والعيب .
كنت أحبه جداً؛ كوني أميل لمن يفرح الناس ويبهجهم ويصنع الابتسامة على وجوههم وخاصة كبار السن . ثم زادت محبتي له عندما كنت ألمس مدى السعادة على وجه أمي- يرحمها الله- وهي تستمع له في تمثيلياته مثل ” بدوي في الطيارة ” ، و”أبو كرشه في الورشة” والذي تم تسجيله على أسطوانات ” نجدي فون ” . أما البرنامج الأشهر فكان برنامج ” يوميات أم حديجان ” والذي كان يذاع من إذاعة جدة يومياً في شهر رمضان المبارك .
رغم أنه يقدم الفكاهة للناس فيمنحهم الفرح والسعادة ، إلا أن ما كان يقدمه يتجاوز إضحاكهم . فالمحتوى الذي كان يقدمه- آنذاك- يطرح فيه قضايا مجتمعية متعددة ، ويعالج من خلال فنه تلك القضايا بأسلوب فكاهي محبب للنفس . ومع أنه قد مضى عقود على بداية برامجه إلا أن ذلك الطرح وتلك المعالجات والأداء لفنه الفكاهي أفضل بكثير مما نشاهده الآن في المسرحيات الفكاهية . فاليوم لا نرى رغم الإمكانات الهائلة مقارنة بفترته ، إلا الإسفاف والتهريج والسطحية في محاور المسرحيات .
قد ينجح بعض الفنانين في زمننا هذا ، فكل شيء مهيئ لهم للنجاح ، لكن في ذلك الزمن لا يستطيع أي إنسان اختراق تلك الموانع الثلاث وتحقيق النجاح ، إن لم يكن شخصاً موهوباً واعياً ومدركاً لحدود الممكن في زمن تضيق فيه مساحة الممكن .
الحمد لله أن هذا الفنان المكافح المبدع ، حظي في حياته بتقدير قيادات هذا الوطن طيلة عهود الملوك- يرحمهم الله- ومن بعدهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان- يحفظه الله-. كما كان هذا الفنان وحتى في سنواته الأخيرة محل محبة واحترام وتقدير من كافة شرائح المجتمع في مختلف مناطق المملكة.
رحم الله أبا سامي رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه الله خيراً على كل ما صنعه من فرح وإسعاد للناس . ولكم تحياتي