طالت نيران الحرب في السوادن كافة مناحي الحياة ،وأمتدت آثارها المروعة علي كافة الفئات ،لتدهس أحلام المواطنين في العيش بأمان وأستقرار ،وتجبرهم علي التخلي عن أنشطتهم اليومية .
طلاب المدارس والجامعات السودانية ضحية للحرب المروعة الممتدة منذ قرابة شهر ،ويواجهون مصيراً مجهولاً،بعد تعليق الدراسة وغلق الجامعات،وهو أمراً معتاداً منذ بداية ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، وذلك بسبب التظاهرات المستمرة .
وتبددت أمال الكثير من الطلاب في ظل تحويل بعض المدارس لثكنات عسكرية ،وأستمرار المواجهات الشرسة بين طرفي الصراع .
اقرأ ايضا:أمل جديد لإنقاذ السودان.. السعودية تدعو البرهان إلى القمة العربية بجدة
500 ألف طالب سوادني يواجهون مصير غامض
التعليم في السودان يواجه مشكلات كبيرة بسبب الحرب
ويواجه 500 ألف طالب وطالبة يفترض أن يخضعوا هذا العام لامتحانات الشهادة الثانوية، مصيرا غامضا بعد تضرر المدارس في ولاية الخرطوم وتعطل التدريس فيها،وفي ظل الضغوط الكبيرة لهذه المرحلة التعليمية الهامة ،يجد الطلاب أنفسهم أمام مصير مجهول هذا العام يعصف بهم ،وقد يحول بين أدائهم الأمتحانات هذا العام
وقال ، صابر أحمد سليمان، المدرس بالكلاكلة الجديدة إن 'الحرب حالة كارثية لا مثيل لها، وحتى كوارث الطبيعة يمكن تفاديها ومعالجتها وغالباً ما تكون محدودة المكان والزمان لكن الحرب هي أعظم مصائبنا وتتبعها الفوضى وتغيير كل النظم التي وُضعت منذ عشرات السنين والتي ظلت محفوظة للجميع'.
وفي ما يتعلق بالسلبيات التي نتجت من الأزمة قال سليمان، إن 'الضرر الذي أصاب التعليم والطلاب كبير ومؤثر جداً وشكّل ضربة كبرى وموجعة للطلاب والمعلمين ولخطط الوزارة لإكمال العام الدراسي في مختلف المراحل وعلى مستوى الشهادة الثانوية أو شهادة الابتدائي وذلك لأن ولايات عدة علّقت الدراسة وأوقفت المدارس وكذلك الجامعات والتي يقع أغلبها في ولاية الخرطوم حيث تدور رحى الحرب الضروس'.
وتابع سليمان، 'الوزارة تجاوزت الوقت المسموح به لإجراء امتحان الشهادة قبل حلول فصل الخريف، الذي يؤثر في إجراء الامتحان في أكثر من 90 في المئة من السودان لأن هطول الأمطار أو الأعاصير يمكنها أن تجعل العملية مستحيلة، وهنا تصبح المعالجات معقدة وقاسية وربما تؤثر في نزاهة الامتحان وسريته وقوانينه'.
وعن جهود الوزارة لحل الأزمة، ذكر سليمان، 'أتوقع أن تمدد الوزارة أجل الامتحان إلى سبتمبر (أيلول) الأمر الذي ينطوي أيضاً على مغامرة كبرى لأنه يقع ضمن الشهور المطيرة. ومن جانب آخر فإن التعجيل بعقد الامتحانات في 10 يونيو (حزيران) المقبل غير واردة لعدم استقرار الوضع وضعف الجاهزية الأكاديمية والنفسية للطلاب وأسرهم فقد تسببت الأزمة العسكرية الراهنة في إهمال الجميع، أسر وطلاب ومعلمين للمستقبل الأكاديمي لهؤلاء التلاميذ'.
اقرأ ايضا:عاجل.. اشتباكات عنيفة في الخرطوم وتحليق مكثف للطيران والجيش يتهم الدعم السريع بنهب المملتكات..فيديو
امتحانات التعليم الأساسي ستكون قائمة في موعدها
وأكد محمد البشير، مؤكداً أن 'امتحانات التعليم الأساسي ستكون قائمة في موعدها وهي في الأسبوع الأول من الشهر المقبل'. وفي سياق متصل، قالت منظمة اليونيسف أن '7 ملايين طفل سوداني بحاجة إلى تعليم منتظم'.
وفي وقت تعاني المدارس والمؤسسات التعليمية انهياراً تاماً، مع ظروف نفسية قاسية يواجهها الطلاب وأسرهم، قد يشكل إجراء الامتحانات في مواعيدها صدمة لهم.
اقرأ ايضا:علاقات تاريخية قوية تربط السعودية بالسودان ..المملكة تواصل جهودها لتحقيق السلام الشامل بالبلد الشقيق
إجراء الامتحانات لكل المراحل في مواعيدها أمر غير مقبول
الحرب في السودان تحرق أمال الطلاب
وقال مدير التعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم عبد الكريم حسن إن العام الدراسي لن يتأثر بالحرب بين طرفي النزاع، لأن التقويم تم تعديله، لتكون امتحانات الشهادة الثانوية في العاشر من يونيو المقبل. إلا أنه لم يحدد رقماً دقيقاً بأعداد الطلاب الذين سيجلسون للامتحانات، لأن الوزارة لم تنتهِ من حصرهم. وتابع: «العام الماضي جلس نحو 500 ألف طالب وطالبة، وعادة يكون عدد الجالسين أكثر من العام الذي يسبقه»، منوهاً بأن طلاب الصف الأول والثاني الثانوي، سيجلسون للامتحانات النهائية في 13 مايو (أيار) المقبل، مشيراً إلى صعوبة حصر المدارس، التي تأثرت بالحرب في هذا التوقيت.
وعلي الجانب المقابل ..قال الخبير التربوي ناصر موسى إن 'إجراء الامتحانات لكل المراحل في مواعيدها أمر غير مقبول وغير منطقي وذلك نظراً للظروف التي تمر بها البلاد، بخاصة أن إطلاق النار ما زال مستمراً مما يشكل خطراً على الطلاب الذين يتوجهون إلى المدارس. ومع عدم استقرار الوضع الأمني نلاحظ إغلاق الطرق مما يصعب عملية التنقل داخل العاصمة، وسفر أغلب الأسر إلى خارج البلاد وإلى الولايات المختلفة'.
ويتابع ، 'حتى وإن استقرت الأوضاع الأمنية، فإن استقرار الأوضاع النفسية للطلاب وأسرهم أمر ضروري، خصوصاً وأن فترة الأزمة نتجت منها معاناة نفسية كبيرة وعدم استقرار في كل نواحي الحياة، لذلك قد يؤدي هذا لنتيجة غير متوقعة ومتدنية في حال استمرار الحرب وعدم تأجيل الامتحانات لفترة كافية، كما سنلاحظ تغيب المئات وربما آلاف الطلاب عن الامتحانات لظروف مختلفة سواء كانت مادية أو نفسية وغيرها'.
اقرأ ايضا:شكر و إمتنان السودانيين للعاهل السعودي
المرحلة الجامعية في السودان أصبحت تشكل كابوساً للطلاب
الاشتباكات في السودان تشكل خطرا علي حياة الطلاب
ويعاني الطلاب الجامعيون في السودان من مصير مجهول منذ سنوات طويلة، حيث أدى الإغلاق المستمر للجامعات إلى تأخر آلاف الطلاب وعدم تخرجهم في الوقت المحدد. وفي حين كان يتخرج الطالب من الجامعة خلال أربع سنوات، أصبح يستغرق ست سنوات ليتخرج وأحياناً أكثر من ذلك.
وأسفرت هذه العقبات التي يواجهها الطلاب عن مشكلات عدة، فقالت المختصة النفسية علا قاسم إن 'دراسة المرحلة الجامعية في السودان أصبحت تشكل كابوساً للطلاب الذين يعانون من إغلاق الجامعات لشهور طويلة وفي فترات متقطعة مما جعل العام الدراسي الواحد يساوي في أحيان كثيرة ثلاثة أعوام، مما جعل عدداً من الطلاب يتركون الدراسة ويتجهون إلى العمل في وظائف هامشية. وفي ظل التعسر الدراسي وعدم إحراز نتائج جيدة بسبب انقطاع الدراسة لفترات طويلة وإصابة الطالب بإحباط كبير، توجه آلاف الطلاب للبحث عن إكمال الدراسة في الخارج والبدء من الصفر. ويشكل ضياع سنوات من أعمارهم صدمةً للكثيرين الذين يصابون بأمراض نفسية مختلفة نتيجة لذلك'.
وأدى الأضراب المستمر في العملية التعليمية ،إلي معاناة الأسر السودانية من إحباط كبير نتيجة تعثر أبنائهم في الدراسة علي مدار سنوات لتأتي الحرب المروعة وتقضي علي أحلامهم . وقالت إحسان المصطفى، إن 'تعثر الدراسة في السودان ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة لأزمات متتالية ولسنوات طويلة ظل الطالب السوداني يعاني خلالها من المشكلات السياسية التي تؤثر في سير العملية التعليمية'. وأضافت المصطفى أن 'الأزمة الأخيرة جعلت أسر الطلاب يفقدون الثقة بالحياة التعليمية في السودان وسنشهد خروج آلاف الطلاب من النظام التعليمي المحلي بحثاً عن نظم تعليمية محترمة في الخارج'.
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى حاجة أكثر من 7 ملايين طفل للتعليم بشكل منتظم في السودان، فضلاً عن حاجة أكثر من 8 ملايين طفل إلى مساعدات إنسانية.