أكد الدكتور صالح الشلاش، استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية والعلاجات التداخلية في مدينة الملك فهد الطبية أن الجميع يعي تماماً المخاطر الصحية التي يحملها التدخين، كما يعلم الجميع أن رقماً لافتاً من أعداد الوفيات ينسب إلى هذه العادة الخطيرة، لكن بعيداً عن الإصابة بسرطان الرئة هل تعلم ماهي التأثيرات الصحية الخطيرة التي يتسبب بها التدخين على صحة القلب ؟
تشير مجموعة واسعة من الدراسات حول هذا الموضوع، إلى أنه على الرغم من الدور الكبير الذي تؤديه العوامل الوراثية والجينية في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إلا أنه لا يمكننا أن نتجاهل بل وأن نسلط الضوء على الدور الحاسم الذي تؤديه مجموعة واسعة من خياراتنا اليومية وعاداتنا التي نمارسها في نمط حياتنا اليومي .
نوافق جميعاً على أن التدخين يشكل الآن واحداً من الأسباب الرئيسية لحالات الموت المبكر والإصابة بأمراض متنوعة، كما أنه اليوم يعتبر عاملاً رئيسياً من العوامل التي تفتح الباب أمام مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض القلب التاجية، وبصفتي طبيباً متخصصاً واستشارياً بأمراض القلب والأوعية الدموية فإن نصيحتي الأساسية لجميع المرضى إذا كانوا من المدخنين، بأن أول تغيير لابد أن يقوموا به من أجل سلامتهم هو الإقلاع تماماً عن التدخين.
وإذا أردنا توضيح سبب هذه النصيحة وذكر الدواعي الواجبة لتبنيها، لا بد أن أذكر بداية الحقائق الثابتة والتي تم ذكرها مراراً وتكراراً التي توضح أن دخان السجائر يحتوي على أكثر من 6000 مادة كيميائية منها 100 مادة كيميائيةً تعتبر سامة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالأمراض المتعلقة في التدخين ، كما أن التدخين السلبي يشكل تهديداً كبيراً على الأشخاص المحيطين بالمدخن سواء من عائلته أو أصدقائه لأنهم بذلك يستنشقون نفس الدخان الذي يمكن أن يسبب مضاعفات صحية خطيرة لديهم. كما أنني أود أن أضيف هنا بعض الحقائق حول تأثيرات التدخين على صحة قلوبكم مع مرور الوقت .
يساهم التدخين بشكل كبير في زيادة احتمالية الإصابة أمراض القلب والأوعية الدموية كما أن له تأثيراً كبيراً على الشرايين التاجية، حيث يعمل التدخين على تسريع تراكم الرواسب الدهنية في الشرايين التاجية، مما يقلل من تدفق الدم ويزيد من خطر الإصابة بالأزمات القلبية1.
حيث تحدث الأزمات القلبية بشكل رئيسي عند انسداد أحد الأوعية الدموية، والذي غالباً ما يحدث بسبب جلطة دموية، ما يؤدي إلى انقطاع إمداد القلب بالدم وبالتالي إحداث ضرر كبير في عضلة القلب.
وبصفتي متخصصاً في مجال الرعاية الصحية، فإنني أرى بناءً على العديد من الدراسات أن التدخين يمكن يزيد مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض، كما أن الإقلاع عن التدخين في أي وقت يعد خطوة إيجابية من شأنها المساهمة بشكل لافت في تقليص مخاطر الإصابة بتلك الأمراض . وبالنسبة للمدخنين الذين مارسوا هذه العادة لسنوات طويلة قد يتبادر لذهنهم سؤال مفاده: بعد مرور كل هذا الزمن هل يستحق الأمر بذل الجهد للإقلاع؟ الجواب بكل بساطة هو نعم وبكل تأكيد، فإن الإقلاع في أي وقت يسهم في مساعدة المرضى وتقليص مخاطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين.
ودعوني أذكّر الجميع هنا أن رحلة المدخن في سبيل الإقلاع عن التدخين ليس بالضرورة أن تكون رحلة شاقة يتولى مسؤوليتها المدخن لوحده، بل أن العديد من الجهات والأشخاص يمكن أن يقدموا له الدعم والمساعدة. كما يتوفر حالياً للمدخنين الذين قرروا عدم الإقلاع عن التدخين العديد من البدائل الأقل ضرراً مثل التبغ المسخن والسجائر الإلكترونية و أظرفة النيكوتين. وعند النظر إلى نتائج الدراسات المتوفرة حول هذه البدائل نجد أن المقارنة المهمة في هذا الإطار هو حول خصائص هذه البدائل وهل هي بالفعل تقلل المخاطر مقارنة بالسجائر؟ من الناحية العلمية الجواب سيكون نعم حيث أن هذه البدائل لا تحترق على عكس السجائر. إذا أن هذا النوع من المنتجات وتحديداً تلك التي يتم تطويرها بالاستناد إلى العلم واعتماد معايير الجودة والسلامة تولد مستويات أقل بكثير من المركبات الكيميائية الضارة مقارنة بتلك التي تولدها السجائر، ويمكن أن تكون أقل ضرراً بالنسبة للمدخنين البالغين الذين يستمرون في التدخين .
خطوات للإقلاع عن التدخين
1- الإقلاع الفوري:
يحقق بعض الأشخاص النجاح في الإقلاع عن التدخين بشكل فوري دون الحاجة إلى أي بدائل. فقط حدد موعداً لتلك الخطوة وحاول الإقلاع مباشرة عندما يحين ذلك الموعد.
2- علاجات بدائل النيكوتين:
يمكن أن تستعين بالوسائل المتاحة من خلال علاجات بدائل النيكوتين مثل لصقات النيكوتين أو بخاخ النيكوتين أو علكة النيكوتين أو حبوب النيكوتين.
3- غير عاداتك:
إن أفضل قرار يمكن أن يتخذه المدخن هو الإقلاع عن استهلاك التبغ والنيكوتين بشكل كامل. إلا أنه يمكن للمدخنين البالغين الذين قرروا الاستمرار في التدخين أن يتحولوا إلى أحد البدائل الأقل ضرراً مثل التبغ المسحن والسجائر الإلكترونية و أظرفة النيكوتين، إذا أنها تعد أقل ضرراً من الاستمرار في التدخين، وعلى الرغم من أنها توفر النيكوتين الذي يسبب الإدمان ولا يعد خال من المخاطر.
احصل على المساعدة:
يمكن للمدخن أن يحصل على المساعدة في رحلته للإقلاع عن التدخين من خلال استشارة المختصين سواء كان ذلك فردياً أو من خلال مجموعات الإقلاع عن التدخين.
كما يتوفر حالياً أمام المدخنين العديد من المصادر الموثوقة والمجانية عبر الإنترنت التي يمكن أن يحصلوا منها على الدعم مثل خدمات المساعدة على الإقلاع عن التدخين عبر منصة صحتي.
وتذكروا دائماً أن الإقلاع عن التدخين هو رحلة يمكن لكل شخص أن يمضي فيها على طريقته الخاصة. لذا لا تترددوا في طلب المساعدة المختصة وتحلوا بالإصرار والعزيمة ولا تفوتوا فرصة الاحتفال بأي نصر في هذا المجال، لأن ذلك سينعكس جلياً على صحتكم.