كما هي عادة كرة القدم، لا يوجد فيها كبير أو صغير، وكل مباراة تحمل في طياتها فوزاً أو خسارة. ولكن، على الرغم من أن خسارة منتخبنا أمام البحرين لا تخرج عن هذا السياق الطبيعي، فإنها حملت معها أبعاداً أكبر من مجرد نتيجة المباراة، فالهزيمة كانت مؤلمة داخل الملعب، حيث لم يتمكن المنتخب من تحقيق الفوز رغم استحواذه على الكرة لأكثر من 70% من الوقت، كما أنها امتدت إلى ما وراء حدود المستطيل الأخضر، وأثارت سلسلة من الانتقادات والتصريحات التي تجاوزت بعض الأحيان حدود المعقول.
مباراة منتخب البحرينفي البداية، لا يمكن إنكار أن هذه الخسارة كانت قاسية، ليس فقط بسبب النتيجة، ولكن لأن الأخطاء التي ارتكبها اللاعبون كانت واضحة للعيان. منتخبنا الوطني سيطر على المباراة، وامتلك معظم مجريات اللعب، ولكن مع الأسف لم يكن موفقاً في استغلال الفرص المتاحة، على العكس، استفاد المنتخب البحريني من أخطاء دفاعية فادحة لم تكن لتحدث حتى في مباريات الشارع. أخطاء يتحمل مسؤوليتها بشكل رئيسي خط الدفاع والحارس، وهذا ما جعل الهزيمة تبدو وكأنها 'فضيحة' رياضية، بما يتجاوز مجرد خسارة في مباراة.
من الجماهير إلى الإعلام
الانتقادات التي تلت المباراة لم تكن مقتصرة على المستوى الفني للفريق فقط، بل امتدت إلى بعض التصريحات التي تجاوزت حدود النقد الرياضي، وبدأت تمس العلاقات الأخوية بين الدول. فتصريحات اللاعب العراقي يونس محمود، نائب رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم، والتي تطاول فيها على المنتخب السعودي، كانت بمثابة نقطة استفزاز كبيرة. هذه التصريحات لم تكن مقبولة بأي شكل من الأشكال، خصوصاً من شخص يشغل هذا المنصب في الاتحاد العراقي، وعليه أن يتحلى بالاحترام والتقدير تجاه الآخرين. ومع ذلك، اختار العديد من المتابعين تجاهل هذه التصريحات، وتركوا الردود الحقيقية للاعبين السعوديين.
أما فيما يتعلق بالانتقادات التي وجهها بعض الإعلاميين والجماهير، فكان من الواضح أن الضغط الشعبي على اللاعبين كان كبيراً. فالجماهير السعودية، التي اعتادت على تحقيق الانتصارات، لا يمكن أن تتقبل بسهولة هذا التراجع الذي تشهده الكرة السعودية في السنوات الأخيرة. وهو تراجع بدأ يتضح في فترة المدرب الإيطالي مانشيني، وما خلفه من تدمير للمنتخب، حيث كان يجب على المدرب الفرنسي هيرفي رينارد أن يعمل على تصحيح هذا الوضع في وقت قياسي.
ورغم تفهمي للظروف الصعبة التي مر بها المنتخب من غيابات وإصابات، مثل غياب اللاعب صالح البريكان وعدم جاهزية سالم الدوسري وثلاثي المنتخب سعود عبد الحميد وعبد الله الغامدي وسلمان الفرج، فإن ذلك لا يعفي المدرب أو اللاعبين من المسؤولية. فقد كان من المتوقع أن يظهر الفريق بشكل أفضل، وأن يحسن خياراته داخل الملعب.
الأمل في المستقبل
ورغم كل هذه الانتقادات، لا يمكننا أن نغفل عن الحقيقة المهمة: أن كرة القدم لا تعرف المستحيل. صحيح أن هذه البطولة كانت بمثابة إعداد للتحضير لتصفيات كأس العالم، وليس من المفترض أن تكون محكاً نهائياً لتقييم المستوى العام للفريق. ورغم الخسارة أمام البحرين، يجب أن نتذكر أن هذه الفرق الكبيرة لا تبنى في يوم وليلة. فحتى المدرب الفرنسي رينارد، الذي يملك خبرة كبيرة، يحتاج إلى وقت لترتيب أوراق المنتخب.
وفي النهاية، يجب أن نتذكر أن هذه الخسارة لا تعني نهاية الطريق. كما قلت سابقاً قبل انطلاق البطولة، كانت هذه فرصة لإعداد الفريق للمستقبل، والانتقادات التي تلت المباراة هي جزء من طبيعة كرة القدم، حيث لا يمكن لأي فريق أن يظل في القمة إلى الأبد. لذلك، من المهم أن يتعامل الجميع مع هذه الهزيمة بروح رياضية، وأن يثقوا بأن الأفضل قادم بإذن الله. فالمستقبل لا يزال أمامنا، والمباريات المقبلة ستكون خير دليل على قدرة المنتخب السعودي على التعافي والعودة بقوة.