انطلاقًا من الأهداف السامية التي قام عليها مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ تأسيسه في عام 1981، وفي مقدمتها دعم القضايا العربية والإسلامية العادلة، فقد بحث أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون في الدورة الخامسة والأربعين للمجلس الأعلى، المنعقدة في دولة الكويت يوم الأحد الموافق الأول من ديسمبر 2024، التحديات الحرجة والخطيرة التي تواجه المنطقة، خاصة العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والضفة الغربية، وانتهاكات الاحتلال في مدينة القدس والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
وقف جرائم الحرب وتهجير السكان في غزة
طالب المجلس الأعلى بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي في غزة، وتهجير السكان، وتدمير المنشآت المدنية والبنية التحتية، بما فيها المنشآت الصحية والمدارس ودور العبادة، في مخالفة صريحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. كما طالب المجلس بالتدخل لحماية المدنيين ووقف الحرب ورعاية مفاوضات جادة للتوصل إلى حلول مستدامة.
دعم حقوق الشعب الفلسطيني
أعاد المجلس التأكيد على مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ودعمه الكامل لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967م، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين وفقًا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
التحرك الدولي لوقف الحرب على غزة
رحب القادة بقرارات القمة العربية الإسلامية غير العادية التي استضافتها المملكة العربية السعودية في 11 نوفمبر 2024، لتعزيز التحرك الدولي لوقف الحرب على غزة وتحقيق السلام الدائم والشامل وتنفيذ حل الدولتين وفق مبادرة السلام العربية. كما أشادوا بالجهود المباركة في حشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين وقيادة التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، وبالجهود المقدرة لدولة قطر لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل المحتجزين.
إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان
أدان قادة دول مجلس التعاون استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، وحذروا من مغبة استمراره وتوسع رقعة الصراع، مما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على شعوب المنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين. كما رحبوا باتفاق وقف إطلاق النار المؤقت في لبنان، وتطلعوا إلى أن يكون ذلك خطوة نحو وقف الحرب وانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 وعودة النازحين والمهجرين إلى ديارهم.
التضامن مع الشعب اللبناني
عبّر القادة عن التضامن التام مع الشعب اللبناني الشقيق، مستذكرين جهود دولة الكويت ومبادرة مجلس التعاون بشأن لبنان، ودعوا الأشقاء في لبنان إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا، والتأكيد على المسار السياسي لحل الخلافات بين المكونات اللبنانية وتعزيز دور لبنان التاريخي في الحفاظ على الأمن القومي العربي والثقافة العربية.
الجهود السياسية في اليمن
رحب القادة باستمرار الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان مع كافة الأطراف اليمنية لإحياء العملية السياسية في اليمن، وأكدوا على النهج السلمي لدول المجلس وتغليب لغة الحوار والدبلوماسية لحل جميع الخلافات في المنطقة وخارجها وفقاً لمقتضيات القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
دور دول المجلس في التصدي للتحديات العالمية
أشاد القادة بالدور المتنامي لدول المجلس في التصدي للتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية في المنطقة وخارجها. كما أكدوا على أهمية متابعة ما صدر من قرارات عن القمم والاجتماعات الوزارية التي عقدت في هذا الإطار لضمان التنفيذ الكامل لتلك القرارات وفق جداول زمنية محددة.
التنمية الاقتصادية المستدامة
وجه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس بتكثيف الجهود لترسيخ هذا الدور وتعزيز مكانة المنطقة كمركز دولي للأعمال والاقتصاد، واستمرار الجهود الرامية للتنوع الاقتصادي المستدام، وتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة، والتعامل الناجح مع التغير المناخي. كما وجه القادة بأهمية التنفيذ الكامل والسريع لما تم الاتفاق عليه من قرارات في إطار مجلس التعاون بما يحقق مصالح مواطني دول المجلس وتطلعاتهم.
تمكين المرأة والشباب
أبدى القادة حرصهم على استمرار دول المجلس في تمكين المرأة الخليجية في كافة المجالات، وتعزيز الدور الأساسي للشباب في دول المجلس، وأهمية دور الجامعات ومراكز الأبحاث والمفكرين وقادة الرأي في الحفاظ على الهوية والموروث الخليجي والثقافة العربية الأصيلة.
دور الاقتصاد الرقمي في التنمية
في إطار سعي دول مجلس التعاون لتحقيق التنويع الاقتصادي، شدّد القادة على الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد الرقمي باعتباره ركيزة رئيسية تدعم مستقبل التنمية في المنطقة. وأكدوا أن الاقتصاد الرقمي يمثل فرصة تاريخية لتعزيز النمو الاقتصادي، وتحقيق التكامل بين دول المجلس، وأشادوا بالبنية التحتية الرقمية المتقدمة التي تتميز بها دول المجلس.
الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار
أشار القادة إلى أهمية الاستثمارات الاستراتيجية في مجالات تقنية المعلومات مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، والأمن السيبراني. كما أكدوا أن هذه التقنيات وضعت دول المجلس في موقع ريادي يسمح لها بالاستفادة من التحول الرقمي العالمي، مع التركيز على تطبيقات مبتكرة في مجالات الطاقة المتجددة، الرعاية الصحية، والتعليم، والخدمات المالية.
تعزيز التعاون الرقمي بين دول المجلس
أكد القادة على ضرورة تعزيز التعاون بين دول المجلس لتطوير استراتيجيات رقمية مشتركة تسهم في تحقيق التكامل الرقمي بين اقتصاداتها، بما يشمل تسهيل التجارة الإلكترونية وتطوير أنظمة الدفع الرقمية ودعم الأمن السيبراني.
دور دول المجلس في دعم الاقتصاد العالمي
أكد القادة أن دول مجلس التعاون، بفضل مواردها المتنوعة وإمكاناتها البشرية والتقنية المتقدمة، تسهم بشكل متزايد في دعم الاقتصاد العالمي. كما أشاروا إلى أن مبادرات دول المجلس الرقمية لا تقتصر على تحقيق الأهداف الوطنية فحسب، بل تمتد لتشمل تعزيز الابتكار والنمو الاقتصادي العالمي.
الاستمرار في تطوير البنية التحتية الرقمية
أوضح القادة أن رؤية دول المجلس للمستقبل الرقمي ترتكز على تحقيق التوازن بين الابتكار والنمو الاقتصادي من جهة، والحفاظ على الاستدامة البيئية والاجتماعية من جهة أخرى. وأكدوا على أهمية الاستمرار في تطوير البنية التحتية الرقمية وتوسيع نطاق تبني التقنيات الناشئة، مع التركيز على تطوير الكفاءات البشرية القادرة على قيادة التحول الرقمي.
أكد قادة دول مجلس التعاون في ختام أعمال القمة أن هذه الجهود المشتركة تعكس التزام دول المجلس بمواكبة التطورات العالمية، وتعزيز رفاهية شعوبها، وترسيخ دورها كمحور عالمي للاقتصاد الرقمي، بما يضمن الازدهار المستدام للمنطقة وللعالم بأسره.