أعظم عودة سياسية إلى البيت الأبيض.. إعادة الاحترام لأمريكا أمام العالم وإنهاء الصراعات والحروب في غزة ولبنان وايران وروسيا واوكرانيا
حل قضايا الهجرة غير الشرعية والنهوض بالاقتصاد والقضاء على البطالة
في مشهد تاريخي أعاد إلى الأذهان أصداء قصة الرئيس الأمريكي غروفر كليفلاند قبل ١٣٢ عاما ، حقق دونالد ترامب فوزا كبيرا ساحقا على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جون بايدن.
ليصبح ترامب بهذا الانتصار الكبير ثاني رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية يفوز في الانتخابات الرئاسية لولايتين غير متتاليتين، بعد غروفر كليفلاند عام ١٨٨٢ و١٨٩٢
كما يعد ترامب الرئيس الوحيد الذي هزم امرأتين كانتا تنافسه على حكم أمريكا الأولى هي هيلاري كلينتون في انتخابات ٢٠١٦ والثانية كامالا هاريس ٢٠٢٤، مكملا أعظم عودة سياسية إلى البيت الأبيض في تاريخ أمريكا.
وأعلن الرئيس المنتخب دونالد ترامب النصر والفوز الكبير في خطاب من فلوريدا وسط حشد من أنصاره، قائلا إنه كان العقل المدبر لأعظم حركة سياسية في كل العصور، وتعهد بمساعدة أمريكا على التعافي والنهوض في كل المجالات.
وقال ترامب: 'حققنا نصرا سياسيا لا مثيل له، سيسمح بجعل أميركا عظيمة مرة أخرى'، مؤكدا أن 'أميركا ستدخل عصرا ذهبيا'.
ومع هذا الإنجاز الفريد، يستعد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، ليكمل رحلة بدأت منذ سنوات، برؤية طموحة وشخصية قوية فرضت بصمتها على المشهد السياسي الأميركي وأخرجته عن تقليديته المعهودة.
وبعد سنوات من مغادرته البيت الأبيض، سيعود ترامب محملا بآمال مؤيديه وإرادتهم، ليعيد صياغة المشهد الأميركي من جديد برؤية ترتكز على شعار 'أمريكا أولا'.
ترامب يسحق هاريس ويفوز بولاية رئاسية ثانية
المولد والنشأة
ولد دونالد جون ترامب في 14 يونيو 1946 في كوينز، نيويورك، ونشأ وسط عائلة تعمل في مجال العقارات بقيادة والده فريد سي. ترامب.
وكان لأعمال العائلة في عالم العقارات دور كبير في تشكيل مسار ترامب، الذي انطلق نحو تحقيق نجاحات ملحوظة في مجال الاستثمارات العقارية، ليصبح من أبرز رجال الأعمال في أميركا، ولاحقا شخصية مؤثرة في الساحة السياسية.
الطفولة والنشأة
نشأ ترامب في بيئة زاخرة بالفرص، إذ كانت عائلته تمتلك شركة عقارية ناجحة تحمل اسم 'إليزابيث ترامب آند صن'، أسسها جده، فريدريك ترامب.
كبر دونالد مع إخوته في بيت يهتم بالأعمال والانضباط، ويشجع على المثابرة والسعي لتحقيق النجاح.
وفي محاولة لتنمية الانضباط في شخصيته، قرر والده إرساله إلى أكاديمية نيويورك العسكرية في سن الثالثة عشرة، حيث برزت شخصيته القيادية واستفاد من التدريب والانضباط في تلك الأكاديمية، وهو ما تحدث عنه لاحقا بإعجاب.
المشوار المهني
بعد تخرجه من جامعة بنسلفانيا بشهادة في الاقتصاد من كلية وارتون الشهيرة عام 1968.
استطاع ترامب بفضل رؤيته العميقة توسيع أعمال العائلة العقارية من خلال استثمارات ذكية خارج مدينة نيويورك، في ولايات مثل فرجينيا ونيفادا وكاليفورنيا، مما عزز مكانته كرائد في مجال العقارات.
في عام 1976، حقق ترامب إنجازا نوعيا عندما قاد مشروع تطوير فندق 'غراند حياة' على أنقاض فندق كومودور القديم.
وفي الثمانينيات، رسّخ اسمه في عالم العقارات عبر مشاريع مثل 'ترامب بلازا' و'برج ترامب'، الذي أصبح معلما في قلب نيويورك. كان برج ترامب رمزا للرفاهية والفخامة، وشكل مقرا لشركته ومسكنه الخاص.
ولم تقتصر مشاريع ترامب على العقارات فقط، بل توسعت لتشمل قطاع الكازينوهات، حيث أسس عدة كازينوهات وفنادق في أتلانتيك سيتي، نيوجيرسي، منها 'ترامب بلازا' و'تاج محل'، الذي أُطلق عليه 'العجيبة الثامنة في العالم'.
وتركت هذه المشاريع بصمة واضحة على مجال العقارات والترفيه، ما جعل اسم ترامب مرادفاً للفخامة والنجاح.
ترامب يسحق هاريس ويفوز بولاية رئاسية ثانية
النشر وصناعة الترفيه
بالإضافة إلى نجاحاته العقارية، خاض ترامب تجربة النشر، حيث أصدر العديد من الكتب، أبرزها 'فن الصفقة' عام 1987، الذي اعتبر دليلا للنجاح في الأعمال، ويعكس رؤيته وفلسفته الخاصة في الاستثمار.
ووسع استثماراته إلى مجالات متنوعة، بدءا من ملاعب الغولف وحتى المنتجات الاستهلاكية. وقد ساهمت هذه الاستثمارات في تعزيز سمعته كرائد أعمال متعدد الاهتمامات.
خلال تسعينيات القرن الماضي وحتى عام 2015، امتلك ترامب حقوق مسابقات ملكة جمال الولايات المتحدة وملكة جمال الكون.
ولمع اسمه في عالم الترفيه بفضل برنامجه الشهير 'The Apprentice'، الذي عرض على قناة NBC منذ 2004 حتى 2015، حين أظهر قدراته في الإدارة واتخاذ القرارات الحازمة.
أصبح البرنامج علامة مميزة، عززت من شعبيته ومهدت الطريق لترشحه للانتخابات الرئاسية.
الرحلة نحو الرئاسة
في عام 2016، خاض دونالد ترامب السباق الرئاسي، وتمكن من الفوز على منافسته الديموقراطية، هيلاري كلينتون، ليصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة.
أثار هذا الفوز ضجة كبيرة، إذ تمكن ترامب من جذب قاعدة شعبية واسعة، بفضل خطابه الجريء وشعاراته التي ركزت على إعادة العظمة لأميركا.
حقق ترامب سلسلة من الإنجازات خلال فترة رئاسته التي امتدت من 2017 حتى 2021. كان أبرزها على الصعيد الاقتصادي، حيث شهد الاقتصاد الأميركي نموا غير مسبوق، وانخفضت معدلات البطالة إلى مستويات تاريخية.
وشملت سياسته الاقتصادية تخفيض الضرائب وتقليص القيود التنظيمية، ما ساهم في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الأجور.
وركزت إدارته على تحقيق استقلالية الطاقة للولايات المتحدة، إذ شجعت على إنتاج النفط والغاز الطبيعي.
أما في مجال السياسة التجارية، فقد أعاد ترامب التفاوض على عدد من الاتفاقيات التجارية، أبرزها اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، التي كانت بديلا لاتفاقية نافتا القديمة.
كما ترك ترامب أثرا إيجابيا على صعيد العلاقات الدولية من خلال اتفاقيات عدة، كان أبرزها 'اتفاقيات إبراهيم' التي ساهمت في تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية، مثل الإمارات والبحرين والمغرب. كما عزز العلاقات مع دول أخرى من خلال مفاوضات واتفاقات تصب في مصلحة أميركا وحلفائها.
خلال فترة رئاسته، عين ترامب أكثر من 200 قاض فيدرالي، بما في ذلك ثلاثة قضاة في المحكمة العليا، ما شكل تحولا هاما في النظام القضائي الأميركي.
وتمكنت إدارته من تمرير قانون 'First Step Act' لإصلاح نظام العدالة الجنائية، والذي يهدف إلى تقليل معدلات العودة للجريمة وتحقيق العدالة في الأحكام القضائية.
ولطالما أثار ترامب الإعجاب بشخصيته القوية وقدرته على تجاوز التحديات، وتمكن من بناء قاعدة جماهيرية كبيرة جعلته أحد الشخصيات البارزة والمؤثرة في الولايات المتحدة.
ورغم خروجه من البيت الأبيض، ظل يتمتع بشعبية واسعة ويدعم قضايا تهم الأميركيين، مما جعله لاعبا رئيسيا في المشهد السياسي.
ترامب يسحق هاريس ويفوز بولاية رئاسية ثانية
أزمات مالية لترامب وإفلاس
ورغم النجاح الكبير الذي حققه دونالد ترامب، فإن مسيرته لم تخل من الأزمات المالية. في سن الثلاثينيات، واجه تحديات مالية كبيرة نتيجة توسعاته الطموحة، التي كانت تتطلب قروضا ضخمة لتمويل مشاريعه الفندقية والكازينوهات.
في تلك الفترة، تدخل والده فريد ترامب، الذي كان قد تجاوز الثمانين من عمره، بشراء رقائق كازينو بقيمة تزيد على 3 ملايين دولار لمساعدة الكازينو في سداد الفائدة على ديونه. ولكن تم الحكم على هذه العملية لاحقا كقرض غير قانوني، وفرضت ولاية نيوجيرسي غرامة قدرها 65,000 دولار على ترامب.
على أثر هذه الأزمة، أعلنت شركتان من شركات ترامب إفلاسهما: فندق 'ترامب تاج محل' في 1991، و'ترامب بلازا' عام 1992.
لكن رغم هذه العقبات، استخدم ترامب قوانين الإفلاس لإعادة هيكلة ديون شركاته بنجاح، واستمر في إدارة أعماله، قائلا في عام 2011: 'لقد استخدمت قوانين هذا البلد لتقليص الديون'.
السياسة الخارجية والقضايا الدولية
يعبر ترامب عن استيائه مما يعتبره تراجع الاحترام لأميركا عالميا، ويعد بإنهاء النزاعات بسرعة، خاصة الحرب في قطاع غزة، والتي تخوضها إسرائيل ضد حركة حماس. والغزو الروسي لأوكرانيا، والبرنامج النووي الإيراني وفرض تعريفات جمركية جديدة على وإرادات الصين والتحالفات التقليدية لأميركا مع حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ومشاكل الكوريتين الشمالية والجنوبية.
الملفات والقضايا الداخلية
لدى ترامب سجل حافل من المواقف في القضايا المحلية، أبرزها الهجرة غير الشرعية والإجهاض، حيث وعد بشن حملة صارمة ضد الهجرة غير الشرعية، واتخاذ إجراءات تنفيذية أكثر صرامة، وأيضا تفويض الحرس الوطني وسلطات إنفاذ القانون المحلية للمساعدة في القضاء بسرعة على أعضاء العصابات والمجرمين المتورطين في قضايا الهجرة غير الشرعية.
وبالنسبة لقضايا الإجهاض قال ترامب إن قضية الإجهاض يجب أن تترك للولايات، وهو تحول في موقفه السابق الداعم للقيود الفيدرالية على الحق في الإجهاض.
ولترامب رؤية مختلفة لملفات السياسة الداخلية والخارجية، وكثيرا ما عبر عنها، مؤكدا أنه سيطبقها في فترته الرئاسية الجديدة تحت شعار (أمريكا أولا).