يعاني السودان من وطأة الحرب المشتعلة والتي تحرق أمال وطموح المواطنين في تحقيق الأستقرار والتنمية التي طال أنتظارها ،فالبلد الذي يئن من الصراعات المستمرة عرف للمرة الأولى في تاريخه الحكم الذاتي عندما تم إعلان الاستقلال عام 1956 عقب سنوات طويلة من حكم غير السودانيين للبلد الذي يحيط به سبع دول منها ست دول تعاني من استقرار داخلي هش.
اقرأ ايضا:"سلة غذاء العالم " يئن من وطأة الحروب والفقر..يمتلك ثروات هائلة ويغرق في مستنقع المعاناة
السودان عاني من 17 محاولة إنقلاب
السودانيون استقبلو الحكم الذاتي أنذاك بفرحة غامرة لم يكن يدور ببالهم ماذا تخبئ لهم السنوات المقبلة، فمنذ الاستقلال تصدرت السودان الدول الأفريقية في عدد مرات الانقلابات العسكرية، لتصبح من أكثر دول العالم التي شهدت حركات عسكرية متوالية للاستيلاء على الحكم بلغت حوالي 17 محاولة نجح منها ست محاولات فقط منذ الخمسينيات وحتى الآن.
وخلال السنوات الماضية شهد السودان اندلاع أطول حرب أهلية في القارة الأفريقية ، ولقرابة النصف قرن احتضنت الأراضي السودانية على فترتين، معارك شرسة بين الشمال والجنوب انتهت عام 2011 باستقلال الجنوب الغني بالنفط وقيام دولة جنوب السودان، عقب مقتل حوالي مليونين شخص ونزوح أربعة ملايين مواطن تقريبا.
ولم يتنفس السودان الصعداء حتي دخل في أتون حرب جديدة ،أشتعلت في إقليم دارفور، عام 2003 بين الجيش ومجموعات متمردة اتهمت الحكومة باضطهاد غير العرب، ليسفر القتال عن فاجعة إنسانية جديدة بمقتل الآلاف وإنهاك الاقتصاد السوداني الضعيف، وصدور مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بحقق عدد من المسؤوليين السودانيين على رأسهم الرئيس السابق عمر البشير، الذي دفع الثمن بمساهمة حرب دارفور في إنهاء حكمه الذي امتد لثلاثين عاما، تاركا خلفه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي ساعدته في حربه في دارفور،مما جعله يقدم له الدعم أملا في الأعتماد عليها كقوة عسكرية يمكن أن تواجه الجيش اذا فكر في أزاحته من السلطة ولكن لم يفلح مسعاه، فانتهى الأمر بما كان يتخوف منه، واتفق الجميع على الإطاحة به، ليدخل السجن تاركا بلاده بين قوتين هما الجيش النظامي وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق والتاجر الغني حميدتي.
اقرأ ايضا:عاجل.. تصاعد أدخنة النار في المنطقة الصناعية بالخرطوم
انقسام الأطراف والقوى المدنية
السودان يئن من وطأة الحرب
وبعد إبعاد البشير عن المشهد السياسي ،دخل السودان في مستنقع الأضطرابات ،مابين مطرقة القوي المدنية المتصارعة والمشاكل الأقتصادية ،وأستمرت تظاهرات القوي السياسية ،في وقت تصاعدت حدة الخلاف بين القوتين العسكرتين الرئيستين في البلاد ،لتندلع أشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مما يهدد بحربطويلة الأمد قد تقضي علي الأخضر واليابس ،ويدفع ثمنها المواطن السوداني .
و وفر انقسام الأطراف والقوى المدنية والصراعات بينها، تربة خصبة للدفع بالصراع المسلح بين القوي العسكرية بالإضافة ،إلي ووأد تجربة رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك الذي أجبر على الاستقالة والرحيل تاركا الأمر بيد رئيس المجلس العسكري برئاسة عبدالفتاح البرهان ومعه حليفه في ذلك الوقت قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دلقو' حميديتي' الذي تحت أمرته ميليشا شبه عسكرية مكونة من عناصر قبلية يطلق عليهم في السودان 'الجنجاويد' انحازوا للحكومة في حرب دارفور، وأصبحوا قوة موازية للجيش الرسمي يمتلكون أسلحة خفيفة ومضادة للطائرات فقط وليس بحوزتهم طائرات أو أسلحة ثقيلة.
اقرأ ايضا:السودان على موعد مع مجاعة كبرى.. نقص الغذاء والماء يعرض الملايين للخطر
الطرفان أتفقا بعد رحيل حمدوك علي شبه تقاسم ضمني للسلطة
اتفق الطرفان عقب رحيل حمدوك على شبه تقاسم ضمني للسلطة، ولكن سرعان ما أتجهت الأمور للتصعيد ،ليستيقظ السودانين علي أصوات المدافع وأزيز الرصاص ل،ويدخل البلد في أتون حرب مريرة لم يشهد مثلها من قبل حيث تدور في مناطق جغرافية متشابكة وفي المناطق السكنية بين مليشيا مدربة على حرب الشوارع وجيش نظامي غير معتاد على تلك المعارك.
ويخشي السودانيون من ان يطيل تدخل بعض القوي الدولية أمد الحرب ،في ظل حديث مستمر عن تورط دولي في تلك الحرب، ممايصعب حسم المعركة على الأرض، إلى جانب استحالة عودة الثقة بينهما وانتهاء الأمر بالتفاوض،وخاصة في ظل الصراع الدولي المحتدم بين القوي العظمي التي يريد كل طرف فيها لبسط نفوذه وإزاحة الطرف الأخر .
السودانيون يعانون من مشاكل إقتصادية كبيرة
ومع وطأة الحرب يعاني السودانيون من أزمة أقتصادية طاحنة ،وبالرغم من أنه من الدول الغنية بموارد المياه ،إلا أن البية السكان يعانون من غياب المياه الصالحة للشرب الذين بدورهم دفعوا غاليا ثمن عدم الاستقرار السياسي بغياب المشروعات التنموية التي تساهم على الأقل في توفير مصدر نظيف للمياه الصالحة للشرب والزراعة.
السودان من الدول التي تمتلك ثروات هائلة ،ولكنها تعاني الفقر بسبب مسلسل الحروب المستمر ،ويبلغ تعداد السكان 45مليون نسمة ،و تبلغ نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر حوالي 46.5 في المائة من السكان، فيما ترتفع نسبة الفقراء إلى 52.4 في المائة إذا ما تم اعتماد مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، بحسب أحدث تقارير التنمية البشرية الصادر عام 2019.