على مر عقود طويلة وقعت البشرية تحت تهديد خطر الكوارث النووية، والتى كشفت عن وجه آخر أكثر تدميرًا للطاقة النووية، التى تمثل قرابة 10% من سعة الكهرباء عالميًا، حسب معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
تزايد خطورة الكوارث النووية
وتتزايد خطورة وقوع كوارث نووية جديدة مع تحول العالم للبحث عن مصادر للطاقة المتجددة بدلًا من المصادر الأحفورية التقليدية، وفى مقدمتها توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، والتى تحولت إلى مثار جدل واسع بين مؤيد ومعارض لفوائدها وأضرارها في آن واحد.
تداعيات الكوارث النووية
لا تقتصر تداعيات الكوارث النووية على التدمير المباشر فى البنية التحتية وحصد أرواح آلاف البشر، بل يؤدى الإشعاع الناجم عنها إلى تزايد فرص الإصابة بالأورام السرطانية، والتشوهات الجينية في الإنسان، إلى جانب تأثيراتها في نمو النباتات ودورات حياة الحيوان؛ ما يُلحق الضرر في نهاية المطاف بالنظام البيئي، ويكمن الجانب الأخطر في تأثيرات تلك الكوارث فى إمكانية استمرارها آلاف السنين دون مبالغة.
مقياس إينيس
وفي عام 1990، صُمم المقياس الدولي للأحداث النووية والإشعاعية 'إينيس' لقياس سلامة الكوارث النووية والإشعاعية كافة، والذى يصنف جميع الكوارث النووية من مستويات تتدرج من صفر إلى 7، حيث يشير المستوى صفر إلى انحراف؛ بينما يشير المستوى 7 إلى حادثة كبيرة.
ويتصدر أخطر 10 كوارث نووية في التاريخ، حادث تشيرنوبل الذى وقع نتيجة عيوب في تصميم المفاعل النووي، وعدم اتباع العمال بروتوكولات السلامة المعروفة؛ ما قاد إلى انفجار هائل في أبريل1986، وصنف كأسوأ كارثة نووية على الإطلاق في التاريخ الإنساني.
تجاوز حجم الإشعاع الناتج عن كارثة تشيرنوبل النووية بواقع 400 مرة عن قنابل هيروشيما وناغازاكي، لدرجة تأثر عدد من البلدان الأوروبية، مثل السويد، بالتلوث الهوائي الناتج عن الحادث المروع، وأُصيب 30 شخصًا بمتلازمة الإشعاع الحادة ليلقوا جميعًا حتفهم بعد مدة وجيزة من وقوع الكارثة، ويعتقد أن آلاف الأطفال والمراهقين قد أصيبوا بسرطان الغدة الدرقية نتيجة تعرضهم للإشعاع.
وعقب الحادث، اضطرت الحكومة لإجلاء أكثر من 335 ألف شخص كانوا يعيشون في مدينة بريبيات المجاورة للمفاعل، كما أقامت منطقة عازلة امتد عرضها 19 ميلًا حول المفاعل، وستبقى المنطقة المحيطة بـتشيرنوبل غير مأهولة بالسكان لمدة قد تصل إلى 20 ألف سنة أخرى.
زلزال مروع فى اليابان
تعرضت اليابان أيضًا لحادث مماثل فى مارس 2011، حينما ضرب زلزال مروع منطقة شمال شرق اليابان، بلغت درجته 9.1 على مقياس ريختر؛ ما قاد إلى موجة تسونامي عطلت إمدادات الكهرباء المولدة من 3 مفاعلات نووية في محطة دايتشي النووية؛ ما قاد إلى انفجار هائل أودى بحياة شخصين في موقع الحادث.
لجأت الحكومة إلى إجلاء 160 ألف شخص من سكان المنطقة والعاملين بالشركات الكائنة بها؛ خشية تعرضهم للإشعاع النووي المدمِر، ولازال هناك 41 ألف شخص ما زالوا مشردين عن منازلهم حتى يوليو (2020).
تعتيم على انفجار مفاعل روسيا
شهدت روسيا كارثة نووية فى أعقاب الحرب العالمية وتحديدًا عام 1957، في مدينة كيشتيم حيث تعطّلت منظومة التبريد في المفاعل؛ ما قاد إلى انفجار مروع أطلق كميات ضخمة من المواد الإشعاعية في الهواء، ولم يستدل على عدد الضحايا حتى الآن بسبب نفى السلطات وقوع الكارثة وفرض تعتيم شديد.
في عام 1957، شهدت المملكة المتحدة –أيضًا- واحدة من أخطر الكوارث النووية على الإطلاق، والتي تحل رابعةً في قائمة أخطر 10 كوارث نووية، بعدما تعرض مفاعل نووى إلى زيادة مفرطة في درجة الحرارة؛ ما أدى إلى انفجار ذخائر اليورانيوم، واشتعلت النيران لمدة 16 ساعة متواصلة، لتنطلق مواد إشعاعية عالية السمية في الهواء.
صمام مكسور وراء حادث ثري مايل
وفي محطة ثري مايل آيلاند بالولايات المتحدة الأمريكية تسبب صمام ضغط مكسور في المحطة النووية، في حالة هلع بين عمال المفاعل عام 1979، ورغم انهيار جزء من المفاعل، إلا أن العمال لم يكتشفوا التسرب الإشعاعي سوى بعد مرور 24 ساعة على الحادث، الذى نتج عنه بعد ذلك إخلاء دائرة نصف قطرها 5 أميال من المنطقة، وفرار ما يزيد على 100 ألف شخص من المدينة المنكوبة.
انفجار أول مفاعل نووى بحثى فى العالم
امتدت تلك الكوارث أيضًا إلى كندا في عام 1952، حينما تعرض قلب مفاعل 'تشوك ريفر لابوراتوريز'، وهو أول مفاعل نووي بحثي في العالم، لأضرار جسيمة نتيجة فقدان المُبرد؛ ما عرّضه لانهيار جزئي، ومن حسن الحظ لم يسفر الحادث عن أي خسائر بشرية، بفضل اكتشافه في الوقت المناسب.
تفكيك مفاعل تشيكوسلوفاكيا
واحد من الكوارث النووية الخطيرة، وقع فى تشيكوسلوفاكيا التى بنيت أولى محطاتها النووية في بوهونيس، لكن تم تفكيكه سريعًا في عام 1977، نتيجة خطأ اقترفه أحد عمال المحطة النووية عندما أزال قضبان التبريد بطريقة خطأ خلال عملية تغيير الوقود الدورية، ما أدى إلى تسرب إشعاعي هائل.
ورغم تقدمها الهائل، شهدت أمريكا حادث انفجار مفاعل 'إس إل-1' النووي صنف ضمن قائمة أخطر 10 كوارث نووية نتيجة قيام 3 أشخاص عسكريين لإعادة تشغيل المفاعل بعد غلقه 11 يومًا بداعي الصيانة، أزاحوا قضبان التحكم لمسافة أطول من المطلوب؛ ما نتج عنه انفجار مروع، أودى بحياة العسكريين الـ3، دون حدوث تلوث إشعاعي في المكان.
حادثتان نوويتان فى فرنسا
تعرضت فرنسا لحادثتين نوويتين وقعتا في منشأة سان لوران النووية، وقع أول حادث في عام 1969، حينما انصهر اليورانيوم بالمفاعل؛ ما نتج عنه انفجار جزئي، وقضي العمال عامًا كاملًا في أعمال تنظيف وإعادة صيانة المفاعل، في بيئة عمل عالية السمية، ثم فى عام 1980، مع انهيار نظام التبريد؛ ما تسبب في انصهار الوقود داخل المفاعل.
تذيل القائمة كارثة توكيمورا التي أُعلنت في عام 1999، ووقعت الكارثة في محطة نووية صغيرة نتيجة مزج 3 عمال نوعين من الوقود لإنتاج نترات اليورانيوم للمفاعل النووي، إذ استخدموها بصورة أكبر 7 مرات من الكمية المسموح بها؛ ما نتجت عنه انبعاثات إشعاعية عالية السمية، أودت بحياة اثنين منهم، وتم إجلاء المواطنين الذين يقطنون بالقرب من المحطة النووية لحين التأكد من سلامة المكان وخلوه من التلوث الإشعاعي المُدمر.