استعاد كبار السن في منطقة نجران مع حلول شهر رمضان المبارك لهذا العام، ذكريات الصوم قديماً واستقبالهم للشهر الكريم، معربين عن سعادتهم الدائمة بالأجواء الروحانية والاجتماعية التي يعيشونها خلال شهر الخير في كل عام.
ذكريات شهر رمضان في نجران
التقت وكالة 'واس'، بالمواطن عبدالله آل عباس، الذي استعاد ذكريات الصوم قبل أكثر من 50 عاماً، والذي أكد أن استقبال شهر رمضان المبارك قديماً كان يتم بكل حفاوة وترحيب من سكان القرى بمدينة نجران، الذين كانوا يعيشون حياة اجتماعية متقاربه من حيث البساطة والسكن في البيوت الطينية والأكل الذي يكون بالعادة من إنتاج مزارعهم التي تجود عليهم بمحاصيل القمح والذرة والتمور ومن ماشيتهم بالألبان والسمن واللحوم، فكان إفطارهم البسيط يتكون من القهوة والتمر وخبز التنور، فيما يتضمن السحور بعض الأكلات الشعبية التي لازالت دارجة لوقتنا الحاضر كـ' الحريكة' المكون من خبز التنور البر ويضاف لها الحليب والسمن وتقدم في القدح المصنوع من الخشب أو المدهن الحجري، إلى جانب الحليب المضاف له الزنجبيل، وحليب الإبل، مبيناً أن أوقات الإفطار والسحور كانت أوقات عامرة باجتماع الأسرة حول السفرة محدودة الأصناف والتي تعني لهم الشيء الكثير آنذاك.
اقرأ أيضًا: بني فى عهد الرسول ..تعرف على مسجد الراية وسر ارتباطه بحفر الخندق
ذكريات رمضانية
كما تحدث آل عباس، عن ذكرياتهم الرمضانية وهم صغار فيما يتعلق بقضاء أوقات من اللعب في فناء المنازل في ممارسة لعبة 'الشاع' وهي اختفاء أحد الأشخاص وبحث البقية عنه وكانت محدودية الإنارة تكسب اللعبة أجواء من الحماس والمتعة حيث كانت الكهرباء يتوفر بالطرق التقليدية عن طريق المكائن التي لا توجد لدي الجميع واعتماد أغلب الناس على ' الأتريك' الذي ينار بالقاز ويتم أطفائها بعد صلاة العشاء تقريباً، كما استذكر بعض البرامج التوعوية كبرنامج الشيخ ' علي الطنطاوي' التي لازالت عالقة بالأذهان وكذلك المصارعة الحرة التي كانت تعرض كل يوم اثنين من كل أسبوع.
سفرة نجران في شهر رمضان
بدوره تحدث المواطن جبهان آل بالحارث، في العقد السابع من العمر، عن اختلاف الوضع الراهن في شهر رمضان الكريم مع تنوع أصناف الأكل التي تشهدها السفرة النجرانية في ظل وفرة السلع الغذائية وتعددها مع دعم الحكومة الرشيدة للمشاريع الاقتصادية والاستيراد من جميع أنحاء العالم، حيث كانت السفرة الرمضانية قديماً محدودة الأصناف والأنواع وتعتمد على الإنتاج المحلي من المزارع والحيوانات التي يربيها الأهالي، والتي تشمل الدخن والبر والسمن و'الزبيب' العنب المجفف ، واللحوم فيما يعرف بالـ' الحميسة' التي يتم تخزينها واستخدامها طوال العام بما في ذلك خلال أيام شهر رمضان المبارك.
اقرأ أيضًا: "شؤون الحرمين" تقرر رفع سرعات الإنترنت لخدمة المعتمرين بالحرم المكي والنبوي
وأشار آل بالحارث، إلى أن شهر رمضان المبارك قديماً يستعد له لأهالي منذ وقت مبكر من خلال تخزين المحاصيل من التمور والذرة والقمح لاستهلاكها في إعداد وجبات السحور والإفطار طوال الشهر المبارك، كما كانوا يقومون بحمس اللحوم خلال عيد الفطر المبارك وتخزينها لاستخدامها في وجبات السحور والإفطار ، مؤكداً أن القرى ببيوتها الطينية كانت تنام مبكراً وتجتمع حول وجبة السحور وكان نهار رمضان عامراً بالعمل والعبادة بحيث يكون الإفطار له نكهة خاصة حيث يجتمع رجال القرية في المسجد لتناول حبات التمر والقهوة وخبز التنور بعد أداء صلاة المغرب، في أجواء تعمها الروحانية والمحبة والإخاء، كما ينامون مبكراً لعدم وجود الكهرباء بالشكل الحديث، ويصحون لتناول وجبة السحور وأداء صلاة الفجر، وفي الصباح يكون الناس في أعمالهم في الزراعة ورعي الماشية والسقاية، وربات المنازل في ممارسة أعمالهن مع الرجال في المزارع إلى جانب أعمالهن في البيوت ورعاية الأطفال، فكانت القرى جميعها متقاربة في أسلوب الحياة بما يجعل أيام شهر رمضان المبارك ذات طابع مميز وجميل يتلهفون لأيامه ولياليه العامرة بالمحبة والروحانية وترقب وتشوق لأيام العيد التي تكثر فيها الاحتفالات والألعاب الشعبية وتبادل الزيارات احتفاءً بقدوم عيد الفطر المبارك.