كتب بواسطة - نادية بن شريفه
'إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة الأم ، وأجمل مناداة هي : يا أمي .. كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والإنعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة ، الأم هي كل شيء في هذه الحياة ، هي التعزية في الحزن ، والرجاء في اليأس ، والقوة في الضعف ، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران ، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه'. - جبران خليل جبران.بين التربية والرعاية
حول التربية والرعاية
التربية هي حب، اهتمام، صبر، فن و ابداع.. نأخذ مثالَ زرع شجرة، هل زَرعها فقط يؤدي لإثمارها و تَظليلنا؟؟!
زَرْعُ شجرةٍ فِعْلنا أن تَكبُرَ وتنموَ وتعطينا الثمرَ مُبتغانا، وهل ذلك نِتاجٌ من دون أن نَبذلَ جُهدنا؟!، بلى بالاهتمام بها من سَقيها.. وتنظيفِ التربة وتسميدها والتقليب.. و محاربة الحشرات الضارة لها، و ذلك باعتدال حسب حاجيات الشجرة وحسب نوع التربة والمكان الذي زرعناها فيه مشمش أم مقمر ..
الشجرة تحتاج وقتا لتنموَ والصبرُ على العمل نُؤجر عليه، و نَسعد بالعطاء والمحصول الوفير فنجلس في ظلها و نأكل من ثمرها مستشعرين بالحب والخير.
و أيضا الأبناء فهم بحاجة للاهتمام.. وبَذْلُ جهدٍ حتى ينمو الجسد و العقل و الروح فيصبح مثمرا فاعلا بالايجاب في الأسرة و المجتمع. كلُّ مَن نفخ فيها ربُّ الخلق روحا يمكن أن تلدَ لكن ليست كلّ ولودٍ مربيّةً..
والخيّارُ لكِ أيّتها الأنثى الولودة في أن تصبحي مربيّةً او راعيّةً فقط!!
إن التربية غريزة أساسية وضعها الله سبحانه عز وجل في البشر، فنجد الأُميَّ والمتعلمَ، والحليم المسلم، والمسيحي واليهودي والكافر، جميعهم يقومون بتربية أبنائهم بطريقة عفوية.
الهدف من التربية
فالهدف من التربية هي تنشئة الأبناء، عن طريق تعليم العادات والتقاليد وغرس المعلومات والمعارف، التي من شأنها أن تجعلهم قادرين على مواجهة الحياة.
بين التربية والرعاية
التربية في الإسلام
والتربية في الإسلام لها ضوابط شرعية، من حيث طريقة الثواب والعقاب والتعليم ونقل الخبرات، حتى تسمية الأبناء؛ فلابد أن نختار لهم أسماء طيبة محببة للنفوس.
وبالتالي تنشئة الأبناء بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، بما يجعل الابن عبدًا صالحًا يعرف أحكام العبادات والمعاملات متلمسًا تقوى الله والإخلاص في أقواله وأعماله.
تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}،وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤولية رعاية الأولاد على الوالدين وطالبهم بذلك: عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته » .
ومن واجبك أن تنشئهم من الصغر على حب الله ورسوله وحب تعاليم الإسلام وتخبرهم أن لله تعالى ناراً وجنة، وأن ناره حامية وقودها الناس والحجارة،وينبغي عليك أن تبعدهم عن مراتع الفجور والضياع وألا تتركهم يتربون بالسبل الخبيثة من التلفاز وغيره ثم بعد ذلك تطالبهم بالصلاح، فإن الذي يزرع الشوك لا يحصد العنب، ويكون ذلك في الصغر ليسهل عليهم في الكبر وتتعوده أنفسهم ويسهل عليك أمرهم ونهيهم ويسهل عليهم طاعتك.
ولكن ينبغي على المؤدب أن يكون رحيماً حليماً سهلاً قريباً غير فاحش ولا متفحش يجادل بالتي هي أحسن بعيداً عن الشتائم والتوبيخ والضرب ، إلا أن يكون الولد ممن نشز عن الطاعة واستعلى على أمر أبيه وترك المأمور وقارف المحظور فعندئذٍ يفضَّل أن يستعمل معه الشدة من غير ضرر.
فتربية الأولاد تكون ما بين الترغيب والترهيب، وأهم ذلك كله إصلاح البيئة التي يعيش بها الأولاد بتوفير أسباب الهداية لهم وذلك بالتزام المربيين المسؤولين وهما الأبوان.
ولو تدبرنا في القرآن حق التدبر لوجدنا فيه حل طرق التربية الناجعة لأن القرآن كلام رب الخلق والله يعلم كيف يربي مخلوقه، كتابنا الحكيم يتضمن كل الأساليب والطرق المناسبة لتربية الإنسان من الطفولة حتى البلوغ.
التربية من أفضل الأعمال وأقرب القربات، فهي دعوة، وتعليم، ونصح، وإرشاد، وعمل، وقدوة، ونفع للفرد و المجتع.
يقول الإمام الغزالي (الصبيُّ أمانةٌ عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرةٌ نفيسةٌ خاليةٌ عن كل نقشٍ وصورة، وهو قابلٌ لكل نقش، ومائلٌ إلى كل ما يُمالُ إليه، فإن عُوِّد الخيرَ نشأ عليه، وسَعِدَ في الدنيا والآخرة أبواه، وإن عُوِّد الشر وأًهْمِلَ إهمال البهائم، شَقِيَ وهَلَكَ،وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه. وكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملاً، وإنما يكمل ويقوى بالغذاء، فكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال، وإنما تكمل بالتربية، وتهذيب الأخلاق، والتغذية بالعلم.
وقد أشار سبحانه وتعالى إلى هذه الأهداف بكلمة جامعة هي كلمة ' قرة أعين' فقال تعالى: ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)،إن من أهداف تربية الأطفال هو أن يفتح الطفل عينه منذ نشأته على امتثال أوامر الله وعلى اجتناب ما نهى الله عنه ويدرب على الابتعاد عنها، والطفل يرتبط منذ صغره بأحكام الشريعة وبذلك فإنه لا يعرف سوى الإسلام تشريعاً ومنهاجاً.إن إهمال الطفل وعدم تربيته تربيةً صالحةً مستمدةً من الكتاب والسنة منذ نعومة أظفاره لها أثر سيئ على سلوكه، حيث إن الطفل الذي لم يتلق تربية صالحة في الغالب عندما يكبر يقع في المحرمات والموبقات، ويعق والديه ولا يبرهما، ويقطع الأرحام ولا يصلها،ويضر المجتمع كله.
لو طبق كل راع مرب هذه الأمور في تربية أولاده بعد كونه قد دعا الله أن يرزقه ولداً صالحاً وذرية طيبة ستكون تربيته ناجحة بإذن الله، فالطفل مشروع الابن المبدع هو نتاج محيطه، و ما نراه من انحلال الخلق و دنو المستوى الدراسي ماهو إلا سلبيات توجهنا الى التشبه بالغرب و تربية الأبناء على مناهج الغرب وسط التعليم الخاص و نحن نجري وراء المال تاركين رزق الأولاد في يد مساعدات همهن جمع القرش..فيتجاوز الابن مرحلة الطفولة بين روضة و حضن الخادمة و رضاعة اصطناعية و مراهقة بغرفة معزولة عن ابويه ساقطا في بئر التكنولوجيا، يقوده الأنترنيت الى اللهو والتسلية ثم الرذيلة و المعصية إلا من رحم ربك فالله يهدي من يشاء. بالاعتماد على الغير في التربية نحصل على طفل 'كولاج' هذا رأيي الخاص.
ادعو الله ان يوفقنا أجمعين الى مايحبه و يرضاه ويجعل اولادنا صالحين.