أثار انهيار السدّين المحيطين بمدينة درنة شمال ليبيا جراء إعصار دانيال، أسئلة عدة عن الأسباب التي أسفرت عن الكارثة غير المسبوقة في البلاد.
كارثة بيئية غير مسبوقة، تعرضت لها مدينة درنة في ليبا، جراء إعصار دانيال، ما خلف العدد من الضحايا وغرق 25% من المدينة في عرض البحر.
أسئلة كثيرة، أثارها الخراب الذي حل بالمدينة، عن الأسباب الكامنة وراء انهيار سدي درنة وكيفية حدوث ذلك خلال الإعصار، وهو ما سنجيب عليه من خلال 'السعودي اليوم'، في سطور التقرير التالي على هيئة سؤال وجواب.
كيف أدي انهيار سدي درنة إلي غرقها
ليبيا محطة دانيال الأولى
البداية جاءت حينما باغتت العاصفة دانيال، القادمة من اليونان، الليبيين على عجل، دون علمهم بالخطر الكامن بها، والتي خلفت وراءها خسائر بشرية.
و كانت ليبيا محطتها الأولى، وتحديدا المناطق الشرقية من بنغازي، و، جاءت مدينة درنة على وجه التحديد، لتسجل مآسي مروعة بسبب انهيار سديها جراء الأمطار الغزيرة، ما أدى إلى فيضان عارم، و اختفاء ما بين 25% و40% من أنحاء المدينة، ما دفع السلطات لإخلائها كلية بعدما أصبحت غير قابلة للسكن.
لماذا بني سدا درنة ؟
يعد السدّين وهما سدّ أبو منصور وسدّ البلاد جنوبي مدينة درنة، مع قرب الثاني من مداخل المدينة، وكان ارتفاع السدّين يبلغ حوالي 40 متراً فقط قبل أن يتحولا إلى ركام.
وتاريخيًا تعرّضت مدينة درنة لسلسلة من الفيضانات، بما في ذلك في الأعوام 1941 و1959 و1968، ولكن فيضان عام 1959 كان الأشد وقعاً على المدينة، ولذلك كان من المهم بناء السدود لحماية المدينة من آثار الفيضانات.
وبالفعل بنت شركة يوغسلافية السدّين في السبعينيات، وأطلق على السد العلوي اسم سد البلاد، بسعة تخزين تبلغ 1.5 مليون متر مكعب من المياه، في حين أن السد السفلي، سد أبو منصور، كان بسعة تخزينية تبلغ 22.5 مليون متر مكعب.
كيف أدي انهيار سدي درنة إلي غرقها
كيف حدث انهيار سدي درنة؟
قالت إدارة السدود في وزارة الموارد المائية التابعة لحكومة الوحدة المؤقتة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إن تدفق كمية المياه المخزونة في سدي وادي درنة، أدت إلى إضعاف سعة السدود ثم انهيارها، وأدى عجز السدّ الأول عن كبح الطوفان إلى التدفق السريع للمياه نحو السدّ الثاني مما أدى إلى إنفجاره أيضاً.
كذلك قالت تقارير إن نسبة الأمطار بلغت أكثر من 200 ملم، ما يتخطى القدرة التصميمية للهياكل.
توقعات بانهيار السدين قبل دانيال
كان إهمال صيانة السدّين لوقت طويل، فهياكل السدّين التي بنيت قبل 50 عاماً كانت متهالكة بالفعل، وانعدام وجود أنظمة صرف فعالة وبنى تحتية وقائية أخرى إلى انهيار السدين مع كمية الأمطار.
وفي ورقة بحثية نشرت العام الماضي، قال عالم الهيدرولوجيا عبد الونيس عاشور من جامعة عمر المختار الليبية إن الفيضانات المتكررة في الوادي، تشكل تهديداً لدرنة.
كيف أدي انهيار سدي درنة إلي غرقها
وأشار إلى حدوث خمس فيضانات منذ عام 1942، ودعا إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان الصيانة الدورية للسدود.
وأرجع عاشور المشاكل التي تهدد حوض وادي درنة إلى أسباب عدة، منها 'حدوث بعض الأضرار في المنشآت الهيدروليكية القائمة والمتمثلة في سدي وادي درنة وذلك بعد فيضان عام 1986'، وتضمنت الورقة البحثية تحذيراً مفاده أنه: 'إذا حدث فيضان هائل فإن النتيجة ستكون كارثية على سكان الوادي والمدينة'.
وتجدر الإشارة إلى أن درنة الآن غير محمية من تكرار حدوث كارثة مشابهة مع بقاء احتمال الفيضانات قائماً.
نتائج كارثية لطبيعة درنة الجغرافية
أدي انهيار السدين إلى اندفاع كميات ضخمة من المياه، وما زاد الطين بلة أن المياه نفسها كانت مصحوبة بالطين نفسه، فجعلت قدراتها التدميرية مضاعفة.
لهذا السبب بالذات، شوهدت مدينة درنة تحت الرماد وتحولت أغلب مبانيها إلى أطلال، واختفت أحياؤها السكنية تحت المياه، وفُقد آلاف المواطنين.
والطبيعة الجغرافية لمدينة درنة ضاعفت من الكلفة التي دفعتها، فطرق المدينة جرفتها مياه الأمطار، ما جعلها معزولة بشكل كبير، ويصعب الوصول إليها.
وقال المتحدث باسم جهاز الإسعاف الليبي أسامة علي، إن عدم صيانة السدّين في درنة كان له تأثير واضح في حدوث الفيضانات، واحتفاء أجزاء من المدينة وتضرر العديد من المباني.
وقد لقي ما لا يقل عن 5 آلاف شخص مصرعهم في درنة وفُقد نحو 10 آلاف شخص، جراء الفيضانات.