تشكل التجارة العالمية عصب الأقتصاد الدولي ،وأحد الطرق الهامة لتحقيق الأزدهار للشعوب من خلال تحرير التجارة ،والابتكار لتسهيل التجارة العالمية ،فوفقا لتقرير البنك الدولي فإن التجارة العالمية، من نواح عديدة، تجعل العالم يمضي قدماً. فكر في أي سلعة إلكترونية، أو قطعة ملابس، أو ربما قطعة شوكولاتة؛ جميع البنود اليومية التي هي في أيدي المستهلكين والمنازل هي بسبب التجارة العالمية، التي توفر عدداً لا يحصى من الوظائف. ومجموعة البنك الدولي تعمل مع البلدان في مختلف أنحاء العالم لتطبيق حلول مبتكرة لكي تتطور التجارة العالمية بشكل أفضل.
اقرأ ايضا:متفوقة على نيويورك ولندن.. دبي الثالثة عالميًا في الأداء الاقتصادي العالمي
التجارة إحدى أدوات النمو التي تتيح فرص عمل أفضل
منى حداد، المديرة العالمية لقطاع الممارسات العالمية للتجارة والاستثمار والتنافسية بمجموعة البنك الدولي، توضح الأمر بقولها: 'تمثل التجارة إحدى أدوات النمو التي تتيح فرص عمل أفضل، وتحد من الفقر، وتزيد الفرص الاقتصادية المتاحة.
وتضيف منى حداد أن تحرير التجارة يزيد من إجمالي الناتج المحلي، وأنه 'انتشل أكثر من مليار شخص من براثن الفقر منذ عام 1990' بحسب قولها.
ولكن حتى يتسنى تقاسم هذه المنافع بمزيد من المساواة، يجب أن تتسم التجارة بالكفاءة، وهذا ليس هو الحال دائماً.
وقد برز مدى تعقيد التجارة العالمية وطبيعتها المتشابكة خلال تعطل سلاسل الإمداد بسبب جائحة كورونا. وأدى تأخير الشحن ونقصه إلى مشاكل غير مسبوقة للعديد من المصدرين والمستوردين والشركات والمستهلكين.
جائحة كورونا أتاحت فرصة لإعادة النظر في منظومة التجارة ذاتها
الابتكار في التجارة العالمية يوفر بيئة مناسبة لتعزيز النمو في الدول
ولكن ميشي أدي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة جيتستريم أفريكا، ويقع مقرها الرئيسي بالقرب من ميناء تيما الغاني، لديها وجهة نظر أخرى حيث ترى أن جائحة كورونا أتاحت أيضاً فرصة لإعادة النظر في منظومة التجارة ذاتها.
تقول ميشي: 'ميناء تيما أحد أكبر موانئ الحاويات في غرب أفريقيا. وعلى الرغم من التكنولوجيا التي كان من الممكن تطبيقها عندما بدأنا العمل، فلم تكن هناك تكنولوجيا لاستخدامها تقريباً. وكان معظم العمل يتم نقدياً وفي الغالب يدوياً.'
جائحة كورونا ساهمت في الإسراع في التحول الرقمي في أفريقيا
البنك الدولي يؤكد علي الدور الهام لتحرير التجارة
وتردف قائلة: 'لقد أسرعت جائحة كورونا التحول الرقمي في أفريقيا. وكان من الصعب التنقل، بما في ذلك التنقل في الميناء، حيث كانت الطرق اليدوية القديمة المتبعة في تخليص البضائع ونقلها غير فعالة حقاً.' لذلك أنشأت شركة جيتستريم أفريكا منصة التكنولوجيا التي تتولى على نحو فعال سلسلة الإمداد للتجارة الخارجية للعملاء.
وتقول 'ميشي' إن هذا مهم لأن تباطؤ التجارة يعني سلعاً أكثر تكلفة للمستهلكين .
وتتابع :على الرغم من انخفاض مستويات الدخل بشكل عام هنا وانخفاض الأرباح، فإن سلاسل الإمداد هي الأبطأ في العالم. وكل يوم تدفع الأسر الأفريقية فعلياً ضريبة على السلع التي تستهلكها'.
التجارة ساهمت في انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر منذ عام 1990.
وتمثل التجارة إحدى أدوات النمو التي تتيح فرص عمل أفضل، وتحد من الفقر، وتزيد الفرص الاقتصادية المتاحة. وقد أدى النمو الاقتصادي الذي أبرزه تحسن الممارسات التجارية إلى انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر منذ عام 1990.
ألينا أنتوتشي هي أخصائية أولى في مجال تسهيل التجارة بمجموعة البنك الدولي،وقد عملت مع العديد من البلدان التي تتطلع إلى إدخال أنظمة رقمية في مجال التجارة، مثل النوافذ الإلكترونية الواحدة، وبوابات المعلومات التجارية.
تقول ألينا: 'التكنولوجيا والرقمنة تجعلان التجارة أسرع وأرخص تكلفة وأسهل وأكثر قابلية للتنبؤ بها...والأتمتة تجعل الأمور أكثر كفاءة على الحدود والموانئ.'
وتقول أيضاً إن تجنب التدخل البشري في بعض هذه العمليات يحد أيضاً من الفساد ويجعل الحصول على المعلومات مُنصفاً وموثوقاً به.
ولا يُعتبر التقدم في التكنولوجيا هو السبيل الوحيد التي يجري بها إحداث ثورة في التجارة. فالتجارة العالمية لها بصمة كربونية هائلة، وهذا شيء تعتزم ألا تتقاعس عن معالجته أكبر شركة في العالم لشحن الحاويات وهي شركة ميرسك.
نقل السلع حول العالم يبعث ما بين 3-4 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا
ويعلق مورتن بوكريستيانسن، رئيس الحد من الانبعاثات الكربونية بشركة ميرسك على هذا الأمر بقوله: 'يبعث نقل السلع حول العالم ما بين 3-4 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.'
كما أنه يوضح أن الصناعة تحتاج إلى إعادة النظر في الطريقة التي يتم بها نقل البضائع.
ويردف بقوله: 'لدينا التزام بوصول صافي الانبعاثات إلى صفر بحلول عام 2040.'
وبطبيعة الحال، فإن إحدى القضايا الكبرى هي حرق الوقود الأحفوري لتشغيل السفن التي تجتاز محيطات العالم مما يسهل من التجارة العالمية. لكن هذا الأمر، وكما يقول مورتن، يجب إعادة التفكير فيه بشكل كامل. ويقول إنه حالياً يمثل قضية تشبه مسألة 'الدجاجة أم البيضة أولاً' في هذه الصناعة.
ويستطرد بقوله: 'توجد أنواع من الوقود الأخضر، ولكن لا توجد سفن خضراء. لذلك لا أحد يبني السفن الخضراء لأنه لا توجد أنواع وقود أخضر، ولكن لا توجد أنواع وقود أخضر لأن هناك سفن خضراء.'
وقد طورت شركة ميرسك وقوداً جديداً، يستند إلى الميثانول، ويرونه وقود المستقبل. ولكن بطبيعة الحال، سيتوقف هذا أيضاً على البنية التحتية العالمية لإعادة التزود بهذا النوع من الوقود وتوافر إمداداته.
التجارة ستكتسب أهمية أكبر في عالم يزداد تأثراً بتغير المناخ
من جانبها تقول فيكي تشيموتاي الخبيرة في مجموعة البنك الدولي إن المناخ والتجارة مترابطان من نواحٍ عديدة، لاسيما بالنسبة للبلدان النامية.
وتقول: 'في عالم يزداد تأثراً بتغير المناخ، ستكتسب التجارة أهمية أكبر. إن انعدام الأمن الغذائي مرتفع للغاية وآثار تغير المناخ مرتفعة جداً في هذه البلدان... ولذا، فإن التجارة المستدامة في الغذاء ستكون بالغة الأهمية للحفاظ على الأمن الغذائي.'
وتضيف أن قضايا أخرى مثل ارتفاع حدة درجات الحرارة يمكن أن يكون لها آثار على التجارة. تقول فيكي: 'إن الحرارة تؤثر على إنتاجية العمال...ويؤثر ذلك على قطاعات التصدير في بلدان مثل بنغلاديش'.
كما تقول إن تحسين الطريقة التي تتم بها التجارة يُعد أمراً أساسياً.
وتستطرد بقولها: 'ومن شأن معالجة المخاوف المتعلقة بتيسير التجارة في النقاط الحدودية أن تحد بدورها من الهدر الغذائي، على سبيل المثال.'
وتقول إن هناك مجموعة من الطرق التي يمكن أن يؤدي بها تسهيل التجارة إلى تحسين العلاقة بين التجارة والمناخ.
'إن الحلول المطلوبة على مستوى السياسات التجارية موجودة، ومعظمها تحقق مكاسب ومردوداً سريعاً... ويجب أن يتم تنفيذ جميع الحلول على نطاق واسع، لكن تلك الحلول موجودة بالفعل.'
إن عالم التجارة ليس مجرد عالم بسيط، وهناك قضايا ملحة يجب معالجتها، لكن الابتكار في العديد من المجالات يثبت ثورته بالنسبة للكثيرين.
برنامج مساندة تيسير التجارة
قدمت مجموعة البنك الدولي المساندة لهذه المبادرة بتمويل من برنامج مساندة تيسير التجارة. ويساهم في تمويل هذا البرنامج تسعةُ شركاء مانحين وهم: أستراليا وكندا والمفوضية الأوروبية وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويقدم البرنامج المساعدة للبلدان الساعية إلى مواءمة ممارساتها التجارية مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن تيسير التجارة.