متجاهلا سنه الذى شارف على الثمانين رافعاً لشعار ' الإرادة لا تقهر' سجل عبدالله القويز اسمه في سجلات التحدي، حيث أفنى عمره في عشق رياضة الهايكينغ مستمتعاً بفكرة التجوال بين دول العالم ومعرفة المزيد عن دروب العالم المؤدية للقمم.
بداية ممارسته للهايكينج
وفي حديثه الخاص مع 'العربية.نت' قال: 'لنعد للبداية أثناء مراحل دراستي الأولى، جربت الانخراط بلعبة كرة القدم، غير أنني لم أنجح في أداء الأدوار التي أوكلت إلي، لدرجة أن جميع الفرق رفضت انضمامي لها، فاكتشفت في مراحل لاحقة أنه لا يوجد انسجام، فهجرت الكرة إلى الأبد'.
وأضاف: وعند ذهابي للولايات المتحدة في أواخر ستينات القرن الماضي، لاحظت أنني أشعر بالتعب وتؤذيني قدمي وظهري عندما أذهب مع أفراد العائلة لأماكن التسوق الكبيرة، مما يضطرني للجلوس على أحد الكراسي الموضوعة هناك، وأنتظرهم حتى يكملوا جولاتهم، وبالصدفة ذهبت إلى بائع أحذية محترف، وعندما شاهد قدمي، قال: 'لديك (فلات فوت) قدم مسطحة وأعطاني قطعة جلدية بها نتوءات أضعها داخل قدمي عندما أرتدي الحذاء، فتحسن الحال كثيراً، ومنذ ذلك الوقت أصبحت زبوناً دائماً لأطباء الأقدام في جميع أنحاء العالم'.
وتابع: 'وفي صيف 1990، وقبل أزمة دولة الكويت، أستضافني مع عائلتي صديق عزيز وزميل دراسة من الكويت، وهو محمد يوسف العيسى (ابن الشيخ يوسف الجناعي) في منتجع بسويسرا، وفي صباح اليوم التالي، جاءني إلى الفندق وقال لي(ليس في هذه القرية أماكن تسوق ولا يوجد بها أماكن تاريخية أو متاحف، وحتى دور السينما محدودة، الشيء الوحيد الذي يجلب الناس إليها في الصيف هو طبيعتها الجميلة ورحلات الهايكينغ).. ، فأقنعني أن أشاركه رحلة هايكينغ، وأعارني بعضاً من ملابسه ومعدات الهايكينغ، واستأجرت حذاء بعد أن أكملت تلك التجربة لأول مرة، بقيت متعباً أشعر بالألم في جميع أجزاء جسمي ومفاصلي وعضلاتي لمدة أسبوع، عندها اكتشفتُ أن لدي مشكلة لابد من معالجتها، ومنذ ذلك التاريخ دأبت على ممارسة الهايكينغ كلما سنحت لي الفرصة، لدرجة أن إجازاتي الصيفية كنت أقضيها قرب أماكن الهايكينغ، وعندما تقاعدتُ من العمل الرسمي زاد نشاطي في مجال للهايكينغ حتى وقتنا الحاضر'.
أسباب عشقه لرياضة الهايكينج
وحسبما صرح للعربية فأن أسباب شغفه بالهايكينغ تطورت لديه مع تطور مهارات تلك الرياضة لديه، حتى أصبح يمارسها ليحسن من صحته البدنية والنفسية، متابعاً 'وصلت لمرحلة تأنيب الضمير إذا لم أمارسها بشكل منتظم، وذلك لعدة أسباب، كونها رياضة سهلة تستطيع ممارستها في أي مكان وأي وقت، كما أنها رياضة قليلة التكاليف، إذ لا تحتاج للانضمام لنادي برسوم سنوية، ولا لشراء أدوات غالية، ولا للالتزام ببرنامج زمني محدد، والتعود على الهايكينغ يجعل وصولك إلى المعالم التاريخية، كما أن دروب الهايكينغ نفسها عادة ما تمر بمناطق تاريخية ومعالم طبيعية، مما سيزيد من ثقافتك حول تاريخ وجغرافيا المملكة أو أي بلاد أخرى تمارس فيها الهايكينغ، ولابد وأن نعرف أنه في الوقت الذي تمارس فيه الهايكينغ في الهواء الطلق فإنك تستنشق هواء نقياً بعيداً عن ذلك الهواء الملوث في المدن'.
جمعية "درب" تدعم الهايكينج
وبسؤاله عن هل هناك جمعية تهتم بهذا المجال (الهايكينغ) ما هي وما أهم أهدافها فأجاب القويز 'هذه الجمعية التي أرأس مجلس إدارتها، اسمها جمعية مسارات ورحلات المشي (درب) وتهدف بالدرجة الأولى إلى رسم وتهيئة وصيانة وتسجيل دروب المشي في كافة تراب المملكة، والترويج لاستخدام هذه الدروب، ولديها برنامج طموح في الآجال القصيرة والمتوسطة والطويلة، لتغطية أكبر مساحة ممكنة في السعودية'.
وأضاف: بدأت الجمعية بواكير إنجازاتها تنمو معها وتبرز للعيان في الرياض والقصيم والدوادمي والقويعية، والافلاج والغاط وجلاجل، وهناك دروب تحت التنفيذ أو الدراسة في كل من المدينة المنورة وحائل والطائف وشقراء والشعراء، ولديها نوعان من البرامج، الأول هو مسارات التحدي مثل المنجور والحضر وخشم الحصان وجبله، أما الثاني فهو يهدف بالدرجة الأولى للاطلاع على المواقع الأثرية في المدن الصغرى والمتوسطة وربطها بدروب هايكينغ مناسبه للسياح، وقد نجحت هذه التجربة حتى الآن.
دعم جودة حياة المسنين
واستطرد حديثه: 'لم أودع العمل الدبلوماسي ولم أهجر اهتماماتي الاقتصادية ولم أضع العمل المصرفي وراء ظهري. فلازلت رئيس مجلس شركة استثمارية ونائب رئيس مجلس محافظي معهد يعنى بدراسات الطاقة وأمارس الدبلوماسية الناعمة أثناء رحلات الهايكينغ ومشاركتي الدؤوبة في المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية وحسابي في تويتر.
وأضاف: أما مسالة تركيزي في الوقت الحاضر فهو على دعم جودة حياه المسنين عن طريق ضرب المثل والاهتمام لعدد من العناصر منها أن تشغل وقتك بما يفيد، وأن تقترب من العائلة أكثر، وأن تكثر من النشاط البدني الممنهج، وتبتعد عن السلبيين والمثبطين، وتبتعد عن العيش في الماضي وتكون نظرتك دائما موجهة للمستقبل، وتتعلم أشياء جديدة كل يوم
خطط لزيارة مواقع جديدة في العالم
يقول: 'زرت الكثير من دول العالم لكنني سأحصر إجابتي على تلك القمم التي صعدتها، فإلى جانب السعودية التي زرت معظم مناطقها، وصعدت أعلى قممها فقد صعدت ومارست هايكينغ في أجزاء من الولايات المتحدة، صعدت أعلى جبل في إنغلاند، وصعدت معظم جبال لبنان، وفي اليونان صعدت أهم جبلين وهما ماونت أوليمبوس وتايغتوس، وفي تنزانيا صعدت رابع أعلى قمة في العالم وهي كلمنجارو، وفي المغرب صعدت عدة جبال هناك وأهمها تُوبقال الذي يعتبر أعلى قمة في الدول العربية، إضافة إلى أعلى قمة في مصر وهي سانت كاترين في سيناء، ومارست رياضة الهايكينغ في عمان وفرنسا وسيرلانكا والسودان وموريتانيا.
أما بالنسبة للخطط المستقبلية، فإن لدي برنامج لزيارة الولايات المتحدة الشهر القادم لصعود أحد جبال ولاية كاليفورنيا وفي مرحلة لاحقة سازور كل من دول أمريكا الللاتينية واليابان وكوريا الجنوبية'.
الصعود إلى أعلى قمة في العالم
وقال الرحال القويز: 'قمة افرست يبلغ ارتفاعها 8840 متر، طريقها مليء بالمخاطر، لا يغامر لمحاولة الوصول إليها، إلا أولئك المحترفين الذين غالباً يكونون في مقتبل العمر ولديهم تدريب مكثف للتعايش مع المصاعب الجمة التي ستواجههم أثناء الصعود، بما في ذلك نقص الأوكسجين والبرد والتسلق فوق الثلوج، أما المكان الذي وصلنا إليه فهو المعسكر الذي ينطلق منه هؤلاء المحترفين للصعود للقمة يسمى – المعسكر الرئيسي، ارتفاعه عن سطح البحر 5400 متر، والارتفاع الصافي الذي صعدناه قرابة 3000 متر، لكنني أقدر مجموع الارتفاعات (من صعود وهبوط) في حدود 7000 متر، ومع ذلك لا يصل إلى هذا المعسكر الرئيسي إلا قرابة 60% ممن يحاولون الوصول اليه.
وتابع الحديث: 'في مثل سني تختفي الانفعالات الحادة والعواطف الجياشة تدريجياً، فقد قرأت الكثير عن هذا الطريق وشاهدت عدة أفلام حوله، وعرفت ما هو متوقع مني، وتدربتُ تدريباً كافياً، وقدمت للمغامرة وأنا على معرفة تامة بما سيواجهني، وكلي تصميم على أن أكمل المهمة'.