بعد فوز أردوغان بالرئاسة.. رؤية تركيا المستقبلية في مجال الطاقة| وعود بخفض الاستيراد للنصف


الاربعاء 31 مايو 2023 | 01:50 مساءً
رؤية تركيا المستقبلية
رؤية تركيا المستقبلية
فريق_ السعودي اليوم

كيف يبدو الملف التركي في مجال الطاقة بعد فوز رجب طيب أردوغان؟ ما هي العناوين المتصدرة في مجال الطاقة في المرحلة المقبلة؟ ما الأهداف المخطط لتنفيذها في مجال الطاقة؟

رؤية تركيا المستقبليةرؤية تركيا المستقبلية

وعد رجب طيب أردوغان والذي فاز بمدّة رئاسية جديدة تستمر حتى عام 2028، خاصة بعد وعوده الانتخابية بتحقيق استقلال الطاقة، إذ إن أنقرة من الدول المنكشفة بصورة كبيرة على تقلبات الأسواق العالمية مع اعتمادها على الاستيراد لتوفير معظم احتياجاتها من الوقود.

رجب أردوغانرجب أردوغان

ومع الأزمة التي شهدها العالم بسبب تداعيات كورونا وزادت حدتها مع الغزو الروسي لأوكرانيا، وتسبّب ذلك في ارتفاع معدل التضخم عالميًا إلى مستويات قياسية، يفرض ملف الطاقة نفسه على طاولة أردوغان مع معاناة المواطن التركي لهيب الأسعار.

ويستعرض 'السعودي اليوم' في هذا التقرير أبرز التفاصيل عن قطاع الطاقة في تركيا والاكتشافات المعلنة مؤخرًا التي قد تمثّل ركنًا رئيسًا في محاولة تركيا تقليل الاستيراد.

وعود بخفض الاستيراد للنصف

تضمّن البرنامج الانتخابي للرئيس رجب طيب أردوغان وعده بدعم استثمارات قطاع الطاقة في تركيا خصوصًا المصادر المتجددة منها، للعمل على خفض استيراد البلاد احتياجاتها من الطاقة إلى النصف.

وبحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، تستورد تركيا نحو 93% من احتياجاتها من النفط، و99% من متطلبات الغاز، وهو ما يبرز مدى أهمية معالجة تلك المعضلة.

الطاقةالطاقة

وتشير تصريحات حكومية إلى اعتماد تركيا على روسيا في توفير ثلث واردات النفط والمنتجات المكررة.

ومع اكتشاف البلاد موارد جديدة للغاز والنفط مؤخرًا، بالإضافة إلى نجاحها في تحقيق تقدم ملحوظ بالطاقة المتجددة والنووية والعمل على التوجه نحو كهربة النقل، يمثّل كل ذلك فرصة أمام الرئيس أردوغان في تحقيق حلم أمن الطاقة في تركيا وعدم التبعية للخارج بصورة كلية.

وتصدّر الفحم مصادر توليد الكهرباء في تركيا خلال العام الماضي بنسبة 34.6%، ويليه الغاز الطبيعي بنسبة 22.2%، والطاقة الكهرومائية بنسبة 20.6%، والرياح (10.8%) والطاقة الشمسية (4.7%)، والطاقة الحرارية الأرضية (3.3%)، إلى جانب مصادر أخرى بنحو 3.7%، وفق بيانات حكومية، اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

ويرصد الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر 15 ولاية تركية في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية:

توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا

وشهد مطلع العام الجاري (2023) إعلان الخطة الوطنية بشأن الطاقة في تركيا وخريطة طريق الهيدروجين، مع استهداف تحقيق حيادية الكربون بحلول عام 2053.

ومن المتوقع -بحسب الحكومية التركية- ارتفاع استهلاك الطاقة في تركيا من 147.2 مليون طن نفط مكافئ في عام 2020، إلى 205.3 مليون طن نفط مكافئ في عام 2035، ما يعني زيادة بنسبة 39.5%، بما يتماشى مع أهداف النمو الاقتصادي.

أردوغان الكهرباءأردوغان الكهرباء

وتتوقع البلاد أن يأتي 74.3% من الزيادة المتوقعة في استهلاك الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2035 خصوصًا من الطاقة الشمسية والرياح.

وتأمل إستراتيجية الطاقة في تركيا أن تصل سعة الطاقة الشمسية المركبة بحلول عام 2035 إلى 52.9 غيغاواط، فضلًا عن خطط لرفع قدرة طاقة الرياح إلى 29.6 غيغاواط.

ومع تأكيد أردوغان في أكثر من حديث له قبل برنامجه الانتخابي، هدف حكومته لتحرير تركيا من التبعية للخارج في قطاع الطاقة، هناك 3 فرص أمامه تمنحه إمكان تحقيق ذلك في المدّة الرئاسية الجديدة.

1- اكتشافات جديدة للنفط والغاز

في المدة السابقة للرئيس أردوغان، عُثر على اكتشافات جديدة للغاز والنفط، ما يعطي فرصة أمام البلاد نحو تخفيض الاستيراد، فهل ينجح أردوغان في استغلالها وخفض واردات قطاع الطاقة في تركيا للنصف كما وعد؟

أردوغان النفطأردوغان النفط

الطاقة في تركياوفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، توصلت البلاد إلى اكتشافات جديدة للغاز في البحر الأسود تُقدّر بنحو 58 مليار متر مكعب.

وكشف الرئيس التركي -وقتها- عن أن الحجم الحقيقي لكميات الغاز الطبيعي في حقل صقاريا بالبحر الأسود وصل إلى 652 مليار متر مكعب.

وبصفة عامة، يبلغ حجم احتياطي الغاز الطبيعي في الحقول التركية بالبحر الأسود نحو 710 مليارات متر مكعب.

وفي أبريل/نيسان 2023، أعلنت تركيا رسميًا بدء استعمال الغاز المستخرج من الحقول التابعة لها في البحر الأسود، التي من المتوقع أن تكفي احتياجات البلاد من الغاز الطبيعي بنسبة 30% عند اكتمال المشروع والوصول لكامل طاقته، بحسب تصريحات لوزير الطاقة فاتح دونماز.

أردوغان الغازأردوغان الغاز

ويؤكد الوزير، أن الغاز المستخرج من البحر الأسود يكفي احتياجات المنازل في تركيا لـ35 عامًا، وفق التصريحات، التي تابعتها وحدة أبحاث الطاقة.

وتعطي تركيا أولوية كبيرة للتنقيب عن النفط والغاز، مع توفير بعض الحوافز لجذب استثمارات الشركات النفطية العالمية مثل تخفيض الإتاوات، في ظل سعيها نحو تقليل فاتورة الاستيراد التي زادت خطورتها مع أزمة الطاقة التي ضربت العالم مؤخرًا.

ومن أبرز الاتفاقيات الجديدة، توقيع البلاد العام الماضي اتفاقية مع شركة تريليون إنرجي الكندية تضمّنت حفر 17 بئرًا للغاز الطبيعي على مدار عامي 2022 و2023.

وأعلنت الشركة الكندية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بدء أعمال الحفر والتنقيب للبئر الثانية في حقل 'ساسب'.

وفي مايو/أيار (2023)، توصلت البلاد إلى اكتشاف نفطي باحتياطيات تُقدّر بمليار برميل، تصنفه بأنه الأكبر في تاريخ البلاد.

وعثرت تركيا على عمق 771 مترًا في إقليم شرناق جنوب شرق البلاد على مخزون من نوع النفط الخفيف، يفتح أمام البلاد آمال تحقيق اكتشافات جديدة في المنطقة.

أردوغان  الغاز المجانيأردوغان الغاز المجاني

ومن المتوقع أن يصل إنتاج الكشف الجديد -بحسب تصريحات الرئيس أردوغان- إلى 100 ألف برميل يوميًا، ليرتفع بذلك إجمالي إنتاج البلاد من ذلك الوقود الأحفوري إلى 180 ألف برميل يوميًا.

يأتي ذلك في الوقت الذي توقف فيه خط أنابيب النفط (جيهان- كركوك) بقرار تحكيم دولي، الذي تستقبل من خلاله تركيا النفط العراقي بما يقرب من 470 ألف برميل يوميًا، وما يزال ينتظر موافقة أردوغان على استئناف التصدير بعد تسوية الخلافات في العراق.

يُشار إلى أن رئيس إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، كانا ضمن أوائل المهنئين للرئيس التركي على فوزه بالانتخابات.

أردوغان  روسيا الغازأردوغان روسيا الغاز

وكانت محكمة دولية قد ألزمت تركيا بدفع تعويضات إلى العراق لانتهاك الأولى اتفاق خط الأنابيب الموقع في عام 1973، واستقبالها نفط إقليم كردستان العراق دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد.

إنشاء مركز دولي لتصدير الغاز في أوروبا

انتعشت آمال إنشاء مركز دولي لتصدير الغاز في أوروبا، وهو أحد الملفات المهمة المتعلقة بالطاقة في تركيا، التي تنتظر الرئيس رجب طيب أردوغان بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية.

ومن جانبه، قال الممثل التجاري التركي السابق في روسيا، أيدين سيزر -بعد فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية-، إن موسكو وأنقرة ستتخذان خطوات رئيسة لإنشاء مركز للغاز في تركيا لضخ الغاز الروسي إلى أوروبا، وفق تصريحات لوكالة الأنباء الروسية 'تاس'، نقلتها وحدة أبحاث الطاقة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أوائل الذين اتصلوا بالرئيس التركي لتهنئته بالفوز في الانتخابات الرئاسية، مقدرًا دوره الكبير في تعزيز العلاقات بين البلدين، ومعربًا عن تطلعه لفتح آفاق جديدة للتعاون بينهما، بحسب بيان للكرملين وصف تهنئة بوتين لأردوغان بـ'الحارة'.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتينالرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وبدأت فكرة إنشاء مركز لتصدير الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا باقتراح عرضه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيره التركي في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد أسبوعين من التفجيرات الغامضة لخطوط أنابيب نورد ستريم نهاية سبتمبر/أيلول 2022.

ويستند الطرح الروسي للفكرة إلى تفويض المركز المقترح باختصاصات تحديد أسعار بيع الغاز إلى أوروبا عبر منصة إلكترونية متخصصة مع إتاحة التوقيع على عقود طويلة الأمد.

وتطمح تركيا إلى أن تصبح مركزًا دوليًا لتصدير الغاز الروسي وغيره، إذ يرفض وزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز، التعامل مع بلاده بصفتها دولة عبور للغاز الروسي فحسب.

النفط في تركياالنفط في تركيا

بينما يتخوّف مراقبون من تحول تركيا إلى مركز تضليل للأسواق الأوروبية، عبر خلطها الغاز الروسي بالغاز الإيراني والأذربيجاني وتصديره إلى أوروبا بوصفه تركيًا، ما سيصعّب على المشترين الأوروبيين معرفة مصدر الغاز النهائي، وفقًا لصحيفة بوليتيكو (politico).

ورغم ترحيب أردوغان بالعرض الروسي منذ طرحه، فإن مسار تنفيذ الفكرة ما زال حذرًا ويسير ببطء، وسط حسابات سياسية واقتصادية وأمنية معقدة في تركيا وروسيا وأوروبا، خاصة مع دخول الحرب الأوكرانية عامها الثاني دون حل.

وتقول تركيا، إن لديها بنية تحتية متطورة ومهيأة لإنشاء مركز تصدير الغاز المقترح في أسرع وقت ممكن، إلا أن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، وصف المشروع بـ'المعقد للغاية'، مشيرًا إلى أنه يواجه مشكلات ذات طبيعة فنية قد تؤخر خطط تنفيذه.

الطاقةالطاقة

وفي سياق متصل، افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 16 ديسمبر/كانون الأول 2022، توسعات ضخمة في منشأة سيليفري لتخزين الغاز في إسطنبول، ما سيجعلها أكبر منشأة لتخزين الغاز تحت الأرض في أوروبا.

وشملت توسعات منشأة سيليفري زيادة سعة مخزونات الغاز الطبيعي إلى 4.6 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى إنشاء منصتين بحريتين بتقنيات محلية وتنفيذ أعمال توسعة في 18 بئرًا مرتبطة بالمنشأة، وفقًا لصحيفة ديلي صباح التركية المحلية (daily Sabah).

حقل غاز طبيعيحقل غاز طبيعي

وتنفّذ تركيا في الوقت الحالي أعمال توسعات أخرى في منشأة تخزين بحيرة طوز، التي تُعد المنشأة الثانية للتخزين في البلاد بعد سيليفري. 

اقرأ أيضا