صدر مؤخرًا كتاب 'المطارات' للكاتب محمد عايد العنزي، ليسلّط الضوء على مسيرة تطور الطيران في منطقة الحدود الشمالية على مدى 75 عامًا، من خلال سرد موثق يغطي الجوانب الجغرافية والتاريخية واللوجستية، ويبرز دور المطارات في دعم حركة النقل الجوي بالمملكة.
ويتألف الكتاب من 71 صفحة موزعة على ستة فصول، متضمنًا عرضًا شاملًا لتاريخ الطيران في المنطقة، بداية من أولى الرحلات الجوية وحتى تطور المطارات الحديثة، إلى جانب توثيق الزيارات الملكية المهمة والمواقف المرتبطة بها.
الفصل الأول: لمحة جغرافية وتاريخية شاملة
يبدأ الكاتب بسرد تفصيلي للسمات الجغرافية لمنطقة الحدود الشمالية، التي تمتد لأكثر من 800 كيلومتر بمحاذاة العراق والأردن، بمساحة إجمالية تقارب 104,000 كيلومتر مربع. وتُعد هذه الخلفية مدخلًا لفهم أهمية المنطقة استراتيجيًا، ودورها في تاريخ الطيران السعودي.
يُبرز الكتاب هبوط أول طائرة في المنطقة عام 1935م في موقع 'خرما كريم'، شرق رفحاء، بقيادة الطيار والمسّاح الجوي جوزيف ماونتن، خلال أعمال المسح الجيولوجي والتنقيب عن النفط. ورافق الفريق حينها عدد من خبراء التصوير والاستكشاف، في خطوة شكلت البداية الحقيقية لعلاقة المنطقة بالطيران.
مرحلة التابلاين: مطارات مؤقتة لخدمة مشروع النفط
خلال الأعوام 1945-1946م، لعبت شركة التابلاين دورًا بارزًا في دعم البنية التحتية للطيران في المنطقة، حيث وفّرت طائرة خاصة لمهندسي المشروع من أجل معاينة مسار الأنبوب النفطي الذي امتد لأكثر من 1200 كيلومتر. وتم تأسيس أول مطار مدني في قرية الدويد عام 1946م لخدمة مهندسي ومخططي المشروع.
كما أُنشئت مدارج ومهابط مؤقتة في كل من القيصومة، رفحاء، عرعر (بدنة)، وطريف، التي تحولت لاحقًا إلى نواة لشبكة مطارات المنطقة، بعد أن أسهمت في توفير النقل الجوي للعمال والسكان.
التطور التدريجي للمطارات وربط المدن محليًا ودوليًا
وثّق الكتاب مراحل تطور شبكة المطارات، حيث بدأت الرحلات الجوية المنتظمة في الوصول إلى مدن المملكة، مثل: رفحاء، وطريف، والقيصومة، وحائل، والرياض، والمدينة المنورة، وجدة، والوجه، وتبوك، إضافة إلى تسيير رحلات دولية إلى عمّان وبيروت.
وفي عام 1970م، أصبحت هذه المطارات تتبع إداريًا إلى مديرية الطيران المدني، لتشهد تطورات متلاحقة، حتى وصلت اليوم إلى خدمة أكثر من مليون مسافر سنويًا، عبر أكثر من 10,000 رحلة جوية.
توثيق الزيارات الملكية ومواقف شكلت ملامح التاريخ الجوي
أفرد المؤلف فصلي الكتاب الخامس والسادس لتوثيق الزيارات الملكية التي شهدتها مطارات المنطقة، مستعرضًا مجموعة من المواقف والذكريات المرتبطة بتلك الزيارات، مما منح العمل طابعًا إنسانيًا وتاريخيًا ثريًا، وأضفى بعدًا وطنيًا على توثيق مسيرة الطيران.
يُعد كتاب 'المطارات' مرجعًا مهمًا للباحثين والمهتمين بتاريخ النقل الجوي في المملكة، خاصةً في المناطق الحدودية، حيث يقدّم توثيقًا دقيقًا لمسيرة تحوّل المهابط البدائية إلى مطارات حديثة لعبت دورًا محوريًا في دعم التنمية وربط المدن السعودية ببعضها وبالعالم.