استعرض الاتحاد المصري للتأمين، خلال نشرته الأسبوعية الصادرة اليوم الثلاثاء، دور شركات التأمين في إدارة مخاطر المناخ وكيفية استخدام الشركات لشهادات الكربون، بالإضافة إلى جهودها لضمان مستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية.
وأوضح الإتحاد، في نشرته الأسبوعية، أن قطاع التأمين يلعب دورًا حاسمًا في مكافحة تغير المناخ من خلال حلول مبتكرة، موضحًا أنه من خلال تبني ممارسات مستدامة، لا تعالج شركات التأمين انبعاثاتها فحسب، بل تؤثر أيضًا على معايير الصناعة الأوسع نطاقًا، ويعد هذا التحول ضروريًا للانتقال إلى مستقبل أفضل لصناعة التأمين وتغير المناخ.
دور شركات التأمين في إدارة مخاطر المناخ
وقال إن تبني الالتزام بتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية والاستفادة من أدوات مثل شهادات الكربون يخلق مسارات نحو بناء اقتصاد مرن ومنخفض الكربون؛ كما يمكن لشركات التأمين المساهمة بشكل كبير في جهود المناخ من خلال الاستثمار في مشاريع شهادات الكربون عالية الجودة، وتعزيز استراتيجيات تقييم المخاطر، بجانب تعزيز المرونة المناخية عبر المحافظ.
وأضاف أن هذا النهج الاستباقي يضع شركات التأمين في مكانة رائدة في مجال الاستدامة، وجذب المستثمرين وأصحاب المصلحة الذين يعطون الأولوية للمسؤولية البيئية.
وتابع “الآن هو الوقت المناسب لمواءمة عمل أي منظمة مع الحركة العالمية نحو انبعاثات صفرية صافية، بجانب استكشاف كيف يمكن للمنظمة أن تصبح أكثر استدامة وامتثالاً وجاذبية للاستثمارات”.
جهود الاتحاد المصري للتأمين في مجال الاستدامة
وحول جهود الاتحاد المصري للتأمين في مجال الاستدامة، أوضحت النشرة أن الاتحاد يهتم بشكل خاص منذ فترة بتفعيل مبادئ الاستدامة، وخاصة العناصر المؤثرة في كمية الانبعاثات الكربونية والتي لها التأثير الأكبر على الأرض.
وأشارت إلى قيام الاتحاد بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية باحتساب متوسط الانبعاثات الكربونية الصادرة عن تنظيم ملتقى شرم الشيخ السادس ومن ثم تم شراء الشهادات المعادلة لكمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة أثناء الملتقى.
وتابع “وقام الاتحاد المصري للتأمين بأخذ المبادرة الاولى في شراء شهادات الكربون الطوعية مما يضع مؤتمر شرم الشيخ للتأمين ضمن مصاف المؤتمرات المستدامة ويستهدف الاتحاد أن يحقق المؤتمر هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية”.
و قد نفّذ الاتحاد المصري للتأمين صفقة شراء 350 شهادة خفض انبعاثات كربونية كطرف مشتري من مشروع محافظة المنيا المجمع وهو أحد مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية التابع للجمعية المصرية للزراعة الحيوية المقيد بقاعدة بيانات الهيئة لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية.
كما سيقوم في المرحلة القادمة بتوعية شركات التأمين بأهمية سوق الكربون الطوعي وتحفيزهم للاستفادة من الأنواع المختلفة لشهادات خفض الانبعاثات الكربونية للحد من تأثير القطاع على البيئة.
كيفية استخدام شركات التأمين لشهادات الكربون عبر النطاقات
وعن كيفية استخدام شركات التأمين لشهادات الكربون عبر النطاقات، أوضحت النشرة أن شركات التأمين تركز في المقام الأول على معالجة انبعاثاتها في النطاقين 1 و2 – واللذان يشيران إلى الانبعاثات المباشرة وتلك الناتجة عن استهلاك الطاقة – وذلك من خلال تحسين العمليات التشغيلية واستخدام شهادات الكربون.
ونوهت أنه بالنسبة للنطاق 1، غالبًا ما تخفض شركات التأمين انبعاثاتها من خلال تحديث مبانيها باستخدام أنظمة كفاءة الطاقة أو الاستثمار في أساطيل المركبات الكهربائية؛ أما بالنسبة للنطاق 2، فإنها تعتمد عادةً على شراء الطاقة المتجددة أو تحسين استخدام الطاقة في مراكز البيانات والمكاتب.
وأشارت إلى أن شهادات الكربون تساعد في تعويض الانبعاثات المتبقية بعد هذه الجهود؛ فعلى سبيل المثال؛ تعمل إحدى كبرى شركات التأمين السويسرية على تقليل انبعاثاتها سنويًا من خلال تنفيذ تدابير لتحسين كفاءة عملياتها، مثل تحسين كفاءة الطاقة، وتقليل السفر لأغراض العمل، والتحول إلى أسطول مركبات كهربائي، وشراء الطاقة المتجددة.
وتابعت “ومع ذلك، لتجنب إطلاق المزيد من الكربون في الغلاف الجوي ولدعم المشاريع الاجتماعية والبيئية، تعوض الشركة الانبعاثات المتبقية من خلال شراء شهادات كربونية معتمدة من محمية “رينبا رايا” للتنوع البيولوجي”.
الشهادات الكربونية فرصة كبيرة لصناعة التأمين
وأضافت النشرة أنه بجانب تقليل انبعاثاتها التشغيلية، تستثمر شركات التأمين في شهادات الكربون كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق عوائد مالية ودعم الاستدامة. و من الأمثلة البارزة على ذلك شراء إحدى شركات إعادة التأمين السويسرية الكبرى مؤخرًا لألف طن من شهادات إزالة الكربون من شركة “O.C.O Technology” لتعويض انبعاثاتها المتبقية؛ ويتلاءم هذا الاستثمار مع أهداف الشركة لتحقيق استدامة طويلة الأجل ، حيث يعكس التزامها بدعم حلول مبتكرة لإزالة الكربون من أجل مستقبل منخفض الكربون ومقاوم لتغير المناخ.
سوق الكربون الطوعي في مصر
وقد دشّنت الهيئة العامة للرقابة المالية في أغسطس 2024 أول سوق كربون طوعي منظّم ومراقب من جهات الرقابة على أسواق المال في مصر عبر تسجيل مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية الطوعية بقاعدة بيانات الهيئة وإصدار وتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بين أطراف محلية ودولية، عقب الانتهاء من كافة المتطلبات التنظيمية بالتعاون مع وزارة البيئة. ووضعت الهيئة العامة للرقابة المالية خطة عمل طموحة، عبر وضع إطار تنظيمي كامل وضوابط لإنشاء وتدشين أول سوق كربون طوعية لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية.
ويعد السوق الكربوني المصري أول سوق للكربون الطوعي فى مصر وإفريقيا، يهدف إلى دعم جهود الحكومة المصرية فى تحقيق الحياد الكربوني، والذي تتبناه مصر ضمن سياساتها الدولية، والرامية لخفض درجة حرارة الأرض الذي يعد المتسبب الرئيسي في حدوث كوراث طبيعية منها السيول والحرائق التي تهدد أرواح وأرزاق الملايين من البشر حول العالم.
وتهدف الهيئة إلى توفير المال لدعم جهود الحكومة المصرية في تحقيق الحياد الكربوني وتعزيز انخراط الكيانات الاقتصادية العاملة في مختلف الأنشطة الإنتاجية في أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية. حيث يعمل سوق الكربون الطوعي على تحفيز الشركات عالية الانبعاثات على خفض البصمة الكربونية لديها. فالشركات التي تعمل على تقليل انبعاثاتها من خلال استخدام طاقة متجددة نظيفة للبيئة، تستطيع الحصول نظير ذلك على مقابل مادى عبر إصدار شهادات كربون. لذا فإن إطلاق هذا السوق سيعمل على تشجيع التنافس بين الشركات لخفض انبعاثاتها للحصول على عائد مادى إضافي، ودفع الشركات التى لا تستطيع تقليل بصمتها الكربونية لشراء الشهادات كمساهمة فى تقليل الانبعاثات.
ومن الجدير بالذكر أن الأسواق العالمية نقلت سوق الكربون من نشاط طوعي إلى نشاط إلزامي خاصة للشركات ذات الانبعاثات العالية مع إلزامها بشراء كمية معينة من شهادات الكربون كل عام.