يقلب المارة تراب الأرض بين أقدامهم في الشارع القديم. محاصرون ضمن الحارة الشعبية حيث تجاري تعابيرهم رتابة الأيام. يسعى بين أيديهم طفل في السابعة، بملامح المتوسل وخطوات التائه.
التقاء الراوي بالطفل التائه
اخترقت الحشود وخطوتُ فوق كل بائع افترش الأرض وصولا له. هذا لأن انتهاك حقوق الطفل يؤلمني، لقد أنقذت الكثير، لكنهم يتزايدون. هكذا كنت أردد وكل دائرة حول نفسي تعيدني طفلاً. افتش عنه واغرق في شعور التوسل للملاحظة.
محاولة الراوي مساعدة الطفل
صوتي يختنق وسط الزحام وجدال البيع والشراء، لا أحد يراني. حتى لمسني من يدي، ثم شدّ كمّي يرجو شراء بضاعته. نزلت إلى مستوى عينيه وبلغته بخطورتها وبقدرتي على المساعدة. فهم أنني أرغب بشرائها فتهلل وجهه ولكنني بعد إيماءة رفض حازم عرفته بنفسي وقصصت قصتي من طفل مشرّد إلى شرطي في مكافحة المخدرات.
الطفل يعكس الماضي على الراوي
تفحص وجهي بعينيه البنية ثم تحسس ذقني بيده الملوثة. قربته وبجملة وعود زرعت الأمان في نفسه. شعرت بالانتماء لرائحة الضياع التي تفوح منه. احتضنته وملأت صدري من قوته وصبره. كان هادئاً مطيعاً. طلبته عنوانه وأجاب برفع بضاعته مرة أخرى يريد بيعها.
اكتشاف الراوي لتشابك ماضيه بالحاضر
ساءني إصراره ونهرته. وضع يده في صدره ومن جيبٍ جانبي مرقوع أعطاني قطعة نقود خشبية مصنوعة يدوياً، عرفتها لما أخرجت مثلها من جيبي. إنها ذاكرتي! تجترّ كل ما يؤلمني وتمثله حياً أمامي. فهمت أن الماضي لا يغادرنا بالنسيان ويرحل للأبد بالتقبل والتشافي.