أعلنت هيئة التراث عن نتائج دراسة علمية حديثة ضمن 'مشروع الجزيرة العربية الخضراء'، الذي يهدف إلى دراسة توسع وانتشار الإنسان في شبه الجزيرة العربية خلال العصور الحجرية القديمة. نُشرت الدراسة في مجلة The Holocene، وركزت على التحليل المكاني الدقيق عبر الإحصائيات المكانية للكشف عن أسباب اختيار سكان العصر الحجري الحديث لمواقع 'المستطيلات الحجرية' في منطقة حائل لاستيطانها.
التعاون الدولي في البحث الأثري
تمت الدراسة بالتعاون بين هيئة التراث وعدد من الجهات المحلية والدولية المرموقة، مثل معهد ماكس بلانك الألماني، جامعة توبنجن، وجامعة كولونيا، إضافة إلى كلية كينجز البريطانية، جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومعهد سميثسونيان الأمريكي، وغيرها. تهدف هذه الشراكة إلى تعميق الفهم التاريخي للحضارات التي عاشت في شبه الجزيرة العربية.
المستطيلات الحجرية: منشآت أثرية ضخمة
تُعد 'المستطيلات الحجرية' من أهم المعالم الأثرية التي تعود إلى فترة ما بين 5400 و4200 سنة قبل الميلاد. تقع هذه المنشآت في مشارف صحراء النفود على قمم التلال بارتفاعات تتراوح بين 880 و950 مترًا فوق سطح البحر، مما منحها إطلالات واسعة على المناطق المحيطة وقربًا من مصادر المياه والمواد الخام. تكشف هذه المواقع عن مدى استراتيجيتها في اختيار مواقع الاستيطان.
أنواع المستطيلات الحجرية وأغراضها
صُنفت 'المستطيلات الحجرية' إلى ثلاثة أنواع رئيسية: المصائد الحيوانية، المستطيلات الضخمة، والمدافن. ووفقًا للدراسة، استخدمت هذه المنشآت في الطقوس الدينية، مما يدل على تطور هذه المجتمعات في ممارسة شعائرها وتنظيم اجتماعاتها الاجتماعية.
اكتشاف أكثر من 169 مستطيلاً
كشفت الدراسة عن وجود 169 مستطيلاً على مساحة تُقدر بحوالي 44 ألف كيلومتر مربع، بدءًا من شرق محافظة تيماء وصولاً إلى جبال أجا وشمال مركز جبة في منطقة حائل. تم تحليل هذه المستطيلات باستخدام تقنيات حديثة مثل مادة (C14) التي أعطت تقديرًا دقيقًا للعمر الزمني لهذه المنشآت التي تعود إلى نحو 7,000 عام.
تحليل البناء والتعاون المجتمعي
أظهرت الدراسة أن بناء المستطيلات لم يكن مهمة معقدة للغاية، حيث يمكن لعدد قليل من الأفراد بناء مستطيل بطول 177 مترًا في غضون أسابيع. أما المستطيلات الأكبر، فقد كانت تتطلب تعاونًا مجتمعيًا لتسريع عملية البناء. يعكس ذلك مستوى التنظيم الاجتماعي والتعاون بين أفراد تلك المجتمعات.
إسهام التحليل المكاني في فهم أعمق للمجتمعات
أشارت هيئة التراث إلى أن هذه الدراسة تقدم سياقًا جديدًا لفهم 'المستطيلات الحجرية'، موضحة أن التحليل المكاني يمكن أن يُسهم في توثيق منشآت حجرية أخرى، مما يساعد في تقديم صورة أعمق عن تنظيم وإنشاء مجتمعات العصر الحجري الحديث في شمال غربي المملكة.