'حرب الرقائق'الألكترونية' بين الولايات المتحدة الامريكية والصين تشتد وطأتها يوما بعد اخر في ظل صراع وتنافس محتدم علي السيطرة علي هذه الصناعة وابعاد التنين الصيني من التفوق في هذا المجال الهام ،وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو دعت الحكومات الأوروبية الي العمل المشترك معاً لمواجهة الصين في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية،ثل علامة فارقة.
وقالت في تصريحات لتلفزيون بلومبيرج أن النهج الأميركي تجاه الصين يرمي لحماية التكنولوجيا الأميركية والأمن القومي في حين تدعم صادرات سلع معينة.
أضافت أن أميركا لا تطمح إلى تصنيع كافة رقائق أشباه الموصلات محلياً، ولكن يتعين أن تعتمد بصورة أقل على منطقة آسيا. تابعت: 'لا يوجد شخص يعتقد أنه ينبغي لنا أن نصنع كافة احتياجاتنا داخل أميركا، وكون أننا نشتري ما يفوق 90% من رقائقنا المتطورة من تايوان يُعد أمراً غير مستدام، ويكاد يكون يشكل خطراً'.
اقرأ ايضا :أمريكا تنشر خطتها لتمويل الرقائق الإلكترونية بقيمة 50 مليار دولار
الرقائق الالكترونية عصب صناعة الهواتف الذكية
تقييد تصدير بعض آلات إنتاج الرقائق الإلكترونية للصين
التصريحات الاخيرة لوزيرة التجارة الامريكية تعكس توجه التنافس القوي علي صناعة الرقائق الالكترونية ،فأدارة إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، نجحت في التوصل لاتفاق مع هولندا واليابان، في 27 يناير 2023، يهدف إلى تقييد تصدير بعض آلات إنتاج الرقائق الإلكترونية المتقدمة للصين، لتنضم الدولتان لمساعي الولايات المتحدة الأمريكية لتقويض الصين تكنولوجياً، ومن ثم إبطاء تطورها العسكري والتقني المرتبط بالذكاء الاصطناعي.
وتم التوصل إلى الاتفاق بعد مفاوضات شاقة في واشنطن بين كبار مسؤولي الأمن القومي من الدول الثلاث، حيث كانت الولايات المتحدة تحاول إقناع حلفائها بتنفيذ ضوابط التصدير على شركاتهم، في حين أن الدولتين أبديا مخاوفهما من احتمالية قيام الصين بتبني إجراءات انتقامية ضدهما.
وفي أكتوبر الماضي أعلنت واشنطن عن فرض قيود لتصدير الرقائق الالكترونية الي ،بحيث باتت الشركات التي تنوي تصدير هذه الرقائق إلى الصين ملزمة بالحصول على تراخيص تصدير. وشملت القيود الرقائق التي يتم إنتاجها باستخدام معدات أو برامج كمبيوتر أمريكية بغض النظر عن مكان صنعها في العالم.
كما تمنع القيود المواطنين الأمريكيين وحاملي بطاقة الإقامة الخضراء من العمل في بعض شركات الرقائق الصينية.
اقرأ ايضا :باستثمار 230 مليار دولار.. شركة "سامسونج إلكترونيكس" تشيد خمسة مصانع للرقائق
تنتج تايوان نحو 60% من سوق الرقائق في العالم
الرقائق الالكترونية صناعة هامة
ويبلغ حجم سوق الرقائق الإلكترونية حول العالم، اكثر من430 مليار دولار، وأبرز اللاعبين في هذا السوق: تايوان، كوريا الجنوبية، الصين، الولايات المتحدة الأمريكية واليابان،وتسعي الولايات المتحدة الي سحب البساط من تحت قدم التنين الصيني والسيطرة علي هذه الصناعة الهامة ومنع تصدير المعدات اللازمة لتصنيعها الي الصين.
وفي الوقت الحالي، تنتج تايوان نحو 60% من سوق الرقائق في العالم، وتقوم ببيع 90% من هذا الإنتاج إلى الولايات المتحدة؛ في حين تستهلك الصين الجزء الأكبر المتبقي من الإنتاج العالمي للرقائق الإلكترونية، فهي تعمد لشراء ما أتيح لها من رقائق؛ خصوصًا بعد التصدي الأمريكي لها في هذا المجال.
وتقدم الولايات المتحدة مليارات الدولارات كدعم للإنتاج المحلي لرقائق أشباه الموصلات لتوفير تربة خصبة لزيادة القدرة على المنافسة مع الصين.
وفي يوليو الماضي، توقعت شركة أبل تباطؤ نمو الإيرادات؛ إذ قالت إن نقص الرقائق الإلكترونية، الذي بدأ يضر بقدرتها على بيع أجهزة ماك وآيباد، سيعوق أيضًا إنتاج آيفون.
إلى جانب خسائر آيفون، تتجلى خسائر ضخمة في قطاع السيارات؛ إذ قدّرت شركة غارتنر للأبحاث، قيمة الخسائر المتوقعة بقطاع السيارات بحوالي 61 مليار دولار، نتيجة النقص في الرقائق وما يترتب عليه من ارتفاع بأسعار السيارات وتوقف تصنيع ما يصل إلى مليون سيارة في العام الجاري وحده.
تصنيع الرقاقة يستغرق أكثر من ثلاثة أشهر
الرقائق الالكترونية مكون رئيسي في السيارات
وعادة ما يستغرق تصنيع الرقاقة أكثر من ثلاثة أشهر، وتحتاج مصانع عملاقة وغرفًا خالية من الغبار وآلات بملايين الدولارات وقصدير مصهور وليزر.
الهدف النهائي هو تحويل رقاقات السيليكون - عنصر مستخرج من الرمال العادية - إلى شبكة من مليارات المفاتيح الصغيرة، تسمى 'الترانزستورات' التي تشكل أساس الدائرة التي ستمنح الهاتف أو الكمبيوتر أو السيارة أو الغسالة أو الأقمار الاصطناعية القدرات الفائقة.
وتسيطر عدد من الشركات الكبرى على صناعة الرقائق الإلكترونية حول العالم، من أهمها شركة إنتل الأميركية، وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة، وكذلك الشركات الأميركية، كوالكوم، وبرودكوم، وميكرون.
امريكا منعت بيع أشباه الموصلات إلى هواوي
وتواجه صناعة الرقائق صعوبات كبيرة ،ويظهر الدور الامريكي في هذا الاتجاه بعد قرار الولايات المتحدة بمنع بيع أشباه الموصلات وغيرها من التقنيات إلى هواوي،بحسب شركة غارتنر للأبحاث والاستشارات
وعقب انتشار وباء كورونا، ارتبك سوق الرقائق أكثر من أي وقت مضى، وقامت بعض شركات التكنولوجيا بتخزينها وطلبها مسبقًا، مما ألقى بشركات في دوامة من المعاناة لأجل الحصول على تلك المكونات.
وفي هذه الأثناء، ظهرت حاجة الأشخاص الذين يعملون من المنزل إلى أجهزة كمبيوتر محمولة، وأجهزة لوحية وكاميرات ويب لمساعدتهم على أداء وظائفهم عن بُعد.
وبالتزامن مع الطلب الكبير على الأجهزة التي تطلب الرقائق الإلكترونية، أغلقت مصانع الرقائق أثناء الإجراءات الاحترازية نتيجة جائحة كورونا، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.
ويبدوا ان الصراع بين الولايات المتحدة والتنين الصيني سوف يستمر مدفوعا بسعي امريكا للتفوق علي الصين في كافة المجلات ومنع الصين من الوصول لتقنيات عسكرية متقدمة .