بينما يتحرك العالم صوب البحث عن مصادر بديلة للطاقة التقليدية لإنقاذ كوكب الأرض من خطر التغيرات المناخية، وتسريع عملية التحول نحو الطاقة الجديدة والمتجددة، سجلت القارة العجوز تراجع غير مسبوق فى استثمارات طاقة الرياح لأدنى مستوياتها منذ 13 عام.
استثمارات الرياح
ووفق تقرير حديث لهيئة صناعة طاقة الرياح الأوروبية ويند يوروب (wind europe)، قدرت استثمارات دول القارة الأوروبية فى مزارع رياح جديدة 17 مليار يورو (18.4 مليار دولار) في مزارع رياح جديدة خلال العام الماضي (2022) نزولًا من 41 مليار يورو (44.3 مليار دولار) في 2021 وهو أقلّ رقم منذ عام 2009، ووجهت الحزمة الأخيرة من الاستثمارات إلى تمويل مزارع جديدة بقدرة 12.2 غيغاواط، منها 10 غيغاواط بدول الاتحاد الأوروبي، انخفاضًا من 24.7 غيغاواط العام السابق له.
حصة دول أوروبا
وبصفة عامة، استثمرت 7 بلدان فقط من إجمالي الدول الأوروبية مليار يورو أو أكثر في مشروعات طاقة الرياح الجديدة عام 2022، مقارنة مع 11 دولة خلال 2021، ومن إجمالي استثمارات طاقة الرياح في أوروبا، بلغت حصة دول شمال غرب القارة العجوز 55% في 2022، انخفاضًا من 75% العام السابق له.
جاءت ألمانيا في المرتبة الأولى من حيث استثمارات طاقة الرياح في أوروبا خلال 2022، بقيمة 2.4 مليار يورو (2.6 مليار دولار)، تليها فنلندا بنحو 2.1 مليار يورو (2.3 مليار دولار)، وفي المركز الثالث، حلّت بولندا بإجمالي استثمارات 1.9 مليار يورو (2.05 مليار دولار)، ثم السويد وفرنسا بقيمة 1.8 و1.6 مليار يورو (1.9 و1.7 مليار دولار) على التوالي.
استحوذت طاقة الرياح البرية على غالبية التمويل في العام الماضي، بنحو 16.5 مليار يورو (17.8 مليار دولار)، في حين تلقّت مزارع الرياح البحرية 0.4 مليار يورو فقط (0.43 مليار دولار)، بينما كانت فرنسا الدولة الوحيدة التي قدّمت تمويلًا لمشروعين صغيرين للرياح البحرية بسعة إجمالية 60 ميغاواط.
أسباب الانخفاض
جاء انخفاض استثمارات طاقة الرياح في أوروبا مع ارتفاع تكاليف المكونات واضطرابات سلسلة التوريد، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وتعافي الاقتصاد من تداعيات وباء كورونا، نتيجة لذلك زادت تكلفة تصنيع توربينات الرياح في أوروبا بنسبة تصل إلى 40% خلال 2021 و2022، لتنعكس هذه الزيادة على تكاليف المدخلات، كذلك أدت سياسات الطاقة الوطنية والبيئة التنظيمية غير الواضحة إلى إضعاف الاستثمار والالتزامات المالية عبر نصف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك العديد من الدول بمنطقة جنوب شرق أوروبا.
وأدّت الإجراءات الطارئة غير المنسقة بشأن أسواق الكهرباء والحدود القصوى للأسعار إلى حالة من عدم اليقين في أوروبا خلال العام الماضي، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة، التي أثّرت بالطبع في منح القروض للمستثمرين.
إزالة العقبات
وأعاد هذا التراجع مطالبات البعض للحكومات الأوروبية بتقديم مزيد من التيسيرات وضرورة إزالة العقبات أمام المستثمرين حتى تستطيع القارة تحقيق أهدافها في خطة ريباور إي يو (REPower EU)، المعنية بتعزيز الطاقة المتجددة، للابتعاد عن الإمدادات الروسية بعد غزو أوكرانيا.
وبحسب تقرير حديث صادر عن مجلس طاقة الرياح العالمي، فإن أوروبا أضافت سعة قياسية من الرياح البرية العام الماضي بلغت 16.7 غيغاواط، بالإضافة إلى 2.5 غيغاواط من الرياح البحرية، بينما يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى تركيب 31 غيغاواط من توربينات الرياح الجديدة سنويًا لتحقيق أهدافه لعام 2030، ما يشير إلى أن الكتلة ما زالت بعيدة عن المسار الصحيح.
خطة الطوارئ
وتتضمن خطة الطوارئ الأوروبية سقفًا لأسعار الكهرباء في أوروبا عند 180 يورو (195 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، ما يحدّ من إيرادات الشركات، خاصة في ظل الارتفاع القياسي لأسعار الغاز خلال العام الماضي.
وبحسب التقرير، لم ينجح الاتحاد الأوروبي حتى الآن في إزالة الحواجز المستمرة أمام التوسع في طاقة الرياح؛ إذ تجعل التشريعات الحالية الموافقة على المشروعات الجديدة معقّدة للغاية.