ترتبط كلمة ' أكوام ' بالنفايات أعزكم الله . لكن لأن كماليات هذا الزمان ، باتت أخطر من النفايات وأضرارها ، فقد ربطتها بهذا المرض الخفي الذي أسمه ' كماليات ' . الكماليات مرض يتفشى بسرعة ، يحاصرنا من كل جانب . فبعد أن كانت الضروريات هي الأهم عند العائلة ، أصبحت الكماليات تسيطر على كل شيء ... من الأقلام التي نضعها في جيوبنا ، أو الساعات التي تزين معاصمنا ، أو الهواتف التي نحملها ، والسيارات التي نركبها ، والنظارت التي نضعها لتزين ما نراه أمامنا . حتى باتت معياراً لمكانتنا الاجتماعية . هذا المرض الخفي ، يرفع ضغط الدم ، ويخل بنسبة السكر ، ويضاعف أعداد المكتئبين ، ويؤثر على راحة أولياء الأمور ، وعلى علاقاتهم الأسرية .
بالأمس القريب ، كان وجود سيارة للعائلة نوع من الرفاهية ، وهاتف المنزل الأرضي مصدر فخر أمام أبناء الجيران ، وكانت جلسة الأصدقاء في دكان الحارة نوع من الترفيه والوناسة . أما موافقة الوالدة على تجمع أصدقاء الحارة في البيت مع أبريق الشاي ، فذلك قمة الفخامة . أما اليوم فلا بد من لقاء الأصحاب في أحد المقاهي الراقية ، والتنافس على قيادة أغلى السيارات ، وارتداء أفخم الملابس ، وحمل أحدث الهواتف ، ولبس أغلى الساعات والنظارات .
يقول صاحبي .. عندما كان أبنائي صغارا، كنت أعلمهم الفرق بين الرغبة في شراء السلعة ، وبين الحاجة الفعلية لها . بينما اليوم بات كل شيء عندهم حاجة ملحة لا بد من الاستحواذ عليها .
أتفق معكم بأن التطور المتسارع في حياتنا ، وتسابق الشركات العملاقة لتقديم الأفضل والأحدث ، ساهما بشكل كبير في انتشار هذا المرض الخطير . والنتيجة مزيد من الاقتراض الاستهلاكي الذي يهدد حياة الأسر وربما يدمرها.
أكتب هذا المقال رغم أني على يقين بأن لا أحد منا يستطيع إيقاف هذا السلوك السلبي ، والله المستعان . ولكم تحياتي