تدخل المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولى، نفق مظلم بعد إرجاء المراجعة الأولى لعدم تنفيذها الطلبات التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، وكان أهمها سعر الصرف المرن وتنفيذ برنامج لبيع شركات مملوكة للدولة، فى وقت تعانى منه مصر شح شديد فى السيولة الدولارية.
الوضع الذى يبدو معقد بعض الشئ قبل عدة أسابيع زاد من تعقيده، تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام، والتى تمسك خلالها برفض أى تخفيض كبير جديد فى سعر صرف الجنية المصري أمام العملات الأجنبية، قائلًا: إن سعر الصرف في بلاده أصبح 'أمناً قومياً'، وأنه لا يمكن لحكومته الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين.
عكست تصريحات الرئيس السيسي الأثر السلبي لتعويم الجنيه على التضخم والمستوى المعيشي للمصريين، لذلك يمكن أن تشير إلى توقف مؤقت عن سياسة تعويم الجنيه، لكن غموض الوضع الحالي ساهم في تعميق تراجع السندات الدولية المصرية التي هبطت 4% خلال جلستي الخميس والجمعة الماضيين، وأكملت التراجع هذا الأسبوع، لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى 20%
وجاء رد صندوق النقد الدولي سريعًا، إذ قالت المديرة العامة للصندوق كريستالينا غورغييفا، إن المؤسسة الدولية تخوض نقاشات جيدة جداً مع السلطات المصرية التي تتخذ الخطوات المناسبة، وتابعت:'هناك خطوات كثيرة صائبة أقدمت مصر على تنفيذها لكنها بحاجة إلى تقييم البيئة العالمية المتغيرة وتحديد طريقة تسمح لها بتعزيز تنافسية اقتصادها'، بحسب غورغييفا.
مخاوف من استنزاف الاحتياطيات
وترى غورغييفا أن مع وجود أسعار صرف متعددة، يحصل بعض الناس على امتيازات بينما يُحرم آخرون منها. أضافت: 'كما نعلم أن دعم العملة دون وجود ما يكفي من الاحتياطيات من العملات الأجنبية يؤدي إلى استنزاف هذه الاحتياطيات'.
أكدت غورغييفا على ضرورة اتخاذ مصر الإجراءات الضرورية لحماية هذه الاحتياطيات من العملات الأجنبية، مشيرة إلى أن الصندوق سيظل جاهزاً لاستكمال النقاشات مع السلطات المصرية.. 'كلّي ثقة بأن تعاوننا سيجعل (السيسي) يتخذ القرار الصائب لصالح البلد'.
اتفاق تمويلى مدته 46 شهرًا
فى ديسمبر الماضى، توصلت مصر لإتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج مدته 46 شهراً تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، على أن يخضع البرنامج لمراجعتين سنوياً حتى منتصف سبتمبر 2026، بإجمالي 8 مراجعات. المراجعة الأولى؛ التي سيصرف على أساسها الشريحة الثانية من القرض، كان يُفترض أن يتم منتصف مارس الماضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، نظراً لتأخر الحكومة بتنفيذ برنامج الطروحات، وعدم اتسام سعر صرف الجنيه بالمرونة اللازمة، ومن المفترض أن تتم تلك المراجعة في سبتمبر المقبل.
استلام أول دفعة من قرض الصندوق
وقد استلمت مصر أول دفعة من صندوق النقد الدولي في ديسمبر الماضي بقيمة 347 مليون دولار، ومن المقرر استلام الدفعات الباقية في مارس وسبتمبر من كل عام وتحديداً من 2023 إلى 2026، وهو ما لم يحدث بعد.
واستبعد خبراء إجراء أي تعويم على المدى القصير، مع توخي البنك المركزي الحذر تجاه التضخم وأسعار السلع والخدمات، مع توقعات استقرار سعر الصرف قرب 31 جنيهاً للدولار حتى منتصف العام، وأن يصل إلى 37 جنيهاً للدولار ليعكس التخفيض المتوقع في النصف الثاني من العام الجاري.